ذكر فتح المسلمين حصن وادي ابن الأحمر من الفرنج وفي هذه السنة في رجب سار عسكر دمشق مع مقدمتهم الأمير بزاوش إلى طرابلس الشام فاجتمع معه كثير من الغزاة المتطوعة والتركمان أيضا خلق كثير فلما سمع القمص صاحبها بقربهم من ولايته سار إليهم في جموعه وحشوده فقاتلهم وانهزم الفرنج وعادوا إلى طرابلس في صورة سيئة قد قتلت فرسانهم وشجعانهم فلما عادوا نهب المسلمون من أعمالهم أكثرها وحصروا حصن وادي ابن الأحمر وضيقوا عليه فملكوها عنوة ونهبوا ما فيه وقتلوا المقاتلة وسبوا الحريم والذرية وأسر الرجال فاشتروا أنفسهم بمال جزيل وعاد المسلمين إلى دمشق سالمين والله أعلم.
ذكر حصر زنكي مدينة حمص في هذه السنة في شعبان سار أتابك زنكي إلى مدينة حمص وقدم إليها حاجبه صلاح الدين محمد الياغيسياني وهو أكبر أمير معه وكان ذا مكر وحيل أرسله ليتوصل مع من فيها ليسلموها إليه، فوصل إليها وفيها معين الدين أنز وهو الوالي عليها والحاكم فيها وهو أيضا أكبر أمير بدمشق وحمص أقطاعه كما سبق ذكره فلم ينفذ فيه مكره فوصل حينئذ زنكي إليها وحصرها وعاود مراسلة أنز في التسليم غير مرة تارة بالوعد وتارة بالوعيد واحتج بأنها ملك صاحبه شهاب الدين وأنها بيده أمانة ولا يسلمها