يناسب ذلك واستسقى الناس في أقطار الأرض فلم يسقوا وتعذرت الأقوات وأكلت الناس الميتة وما ناسبها ودام كذلك إلى آخر سنة خمس وسبعين [خمسمائة]؛ ثم تبعه بعد ذلك وباء شديد عام أيضا كثر فيه الموت وكان مرض الناس شيئا واحدا وهو السرسام وكان الناس لا يلحقون يدفنون الموتى، إلا أن بعض البلاد كان أشد من البعض.
ثم إن الله تعالى رحم العباد والبلاد والدواب وأرسل الأمطار وأرخص الأسعار.
ومن عجيب ما رأيت أنني قصدت رجلا من العلماء الصالحين الجزيرة لأسمع عليه شيئا من حديث النبي، عليه السلام، في شهر رمضان سنة خمس وسبعين [خمسمائة]، والناس في أشد ما كانوا غلاء وقنوطا من الأمطار وقد توسط الربيع ولم تجيء قطرة واحدة من المطر فبينما أنا جالس ومعي جماعة تنتظر الشيخ وإذ قد أقبل إنسان تركماني قد أثر عليه الجوع وكأنه قد أخرج من قبر فبكى وشكى الجوع فأرسلت من يشتري له خبزا فتغيمت السماء وجاءت نقط من المطر متفرقة فضج الناس واستغاثوا ثم جاء الخبز فأكل التركماني بعضه وأخذ الباقي ومشى واشتد المطر ودام المطر من تلك الساعة.
ذكر غارات الفرنج على بلاد المسلمين في هذه السنة في ذي القعدة اجتمع الفرنج وساروا إلى بلد دمشق مع ملكهم فأغاروا على أعمالها فنهبوها وأسروا وقتلوا وسبوا فأرسل