يقوم مقامي أو يثق إليه مثل ثقته إلي لسلم إليه مصر التي هي أعظم ممالكه وولاياته ولو لم يعجل عليه الموت لم يعهد إلى أحد بتربية ولده والقيام بخدمته غيري وأراكم قد تفردتم بمولاي وابن مولاي دوني وسوف أصل إلى خدمته وأجازي إنعام والده بخدمة يظهر أثرها وأجازي كلا منكم على سوء صنيعه في ترك الذب عن بلاده.
وتمسك ابن المقدم وجماعة الأمراء بالملك الصالح ولم يرسلوه إلى حلب خوفا أن يغلب عليهم شمس الدين علي بن الداية فإنه كان أكبر الأمراء النورية وإنما منعه من الاتصال به والقيام بخدمته مرض لحقه وكان هو وإخوته بحلب وأمرها إليهم وعساكرها معهم في حياة نور الدين وبعده ولما عجز عن الحركة أرسل إلى الملك الصالح يدعوه إلى حلب لتمتنع به البلاد الجزرية من سيف الدين ابن عمه قطب الدين فلم يمكنه الأمراء الذين معه من الانتقال إلى حلب لما ذكرناه.
ذكر ملك سيف الدين البلاد الجزرية كان نور الدين قبل أن يمرض قد أرسل إلى البلاد الشرقية الموصل وديار الجزيرة وغيرها يستدعي العساكر منها لحجة الغزاة والمراد غيرها وقد تقدم ذكره فسار سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن زنكي صاحب الموصل في عساكره وعلى مقدمته الخادم سعد الدين كمشتكين الذي كان قد جعله نور الدين بقلعة الموصل مع سيف الدين فلما كانوا ببعض الطريق وصلت الأخبار بوفاة نور الدين فأما سعد الدين فإنه كان في المقدمة فهرب جريدة.