وسمع الفرنج بقرب صلاح الدين في عساكره فسقط في أيديهم وزادوا تعبا وفتورا فهاجم المسلمون عند اختلاط الظلام ووصلوا إلى خيامهم فغنموها بما فيها من الأسلحة الكثيرة والتحملات العظيمة وكثر القتل في رجالة الفرنج فهرب كثير منهم إلى البحر وقربوا شوانيهم إلى الساحل ليركبوا فيها فسلم بعضهم وركب وغرق بعضهم، وغاص بعض المسلمين في الماء وخرق بعض شواني الفرنج فغرقت فخاف الباقون من ذلك فولوا هاربين واحتمى ثلاثمائة من فرسان الفرنج على رأس تل فقاتلهم المسلمون إلى بكرة ودام القتال إلى أن أضحى النهار فغلبهم أهل البلد وقهروهم فصاروا بين قتيل وأسير وكفى الله المسلمين شرهم وحاق بالكافرين مكرهم.
ذكر خلاف الكنز بصعيد مصر وفي أول هذه السنة خالف الكنز بصعيد مصر واجتمع إليه من رعية البلاد والسودان والعرب وغيرهم خلق كثير وكان هناك أمير من الصلاحية في أقطاعه وهو أخو الأمير أبي الهيجاء السمين فقتله الكنز فعظم قتله على أخيه وهو من أكبر الأمراء وأشجعهم فسار إلى قتال الكنز وسير معه صلاح الدين جماعة من الأمراء وكثيرا من العسكر ووصلوا إلى مدينة طود فاحتمت عليهم فقاتلوا من بها وظفروا بهم وقتلوا منهم كثيرا وذلوا بعد العز وقهروا واستكانوا.
ثم سار العسكر بعد فراغهم من طود إلى الكنز وهو في طغيانه يعمه فقاتلوه فقتل هو ومن معه من الأعراب وغيرهم وأمنت بعده البلاد واطمأن أهلها.