عليه ليعبر الفرات ويسير إلى دمشق فيمنع عنها ويقصده ابن عمه وعسكر حلب من وراء ظهره فيهلك أشار عليه بهذا زلفندار عز الدين والجبان يقدر البعيد من الشر قريبا يرى الجبن حزما كما قال:
(يرى الجبناء أن الجبن حزم * وتلك طبيعة الرجل الجبان) فلما أشار عليه بهذا الرأي زلفندار قبله وامتنع من قصد دمشق وراسل سعد الدين والملك الصالح وصالحهما على مأخذه من البلاد فلما امتنع عن العبور إلى دمشق عظم حزمهم وقالوا حيث صالحهم سيف الدين لم يبق لهم مانع عن المسير إلينا فكاتبوا حينئذ صلاح الدين يوسف بن أيوب صاحب مصر واستدعوه ليملكوه عليهم وكان كبيرهم في ذلك شمس الدين بن المقدم ومن أشبه أباه فما ظلم وقد ذكرنا مخامرة أبيه في تسليم سنجار سنة أربع وأربعين وخمسمائة.
فلما وصلت الرسل إلى صلاح الدين بذلك لم يلبث وسار جريدة في سبعمائة فارس والفرنج في طريقه فلم يبال بهم فلما وطئ أرض الشام قصد بصرى وكان [بها] حينئذ صاحبها وهو من جملة من كاتبه فخرج ولقيه فلما رأى قلة من معه خاف على نفسه واجتمع بالقاضي الفاضل وقال ما أرى معكم عسكرا وهذا بلد عظيم لا يقصد بمثل هذا العسكر ولو منعكم من به ساعة من النهار أخذكم أهل السواد، قال كان معكم مال سهل الأمر فقالوا هنا مال كثير يكون خمسين ألف دينار فضرب صاحب بصرى على رأسه وقال هلكتم وأهلكتمونا وجميع ما كان معهم عشرة آلاف دينار.
ثم سار صلاح الدين إلى دمشق فخرج كل من بها من العسكر إليه فلقوه وخدموه ودخل البلد ونزل في دار والده المعروفة بدار العقيقي وكانت