لكم ودمه لي فقصد الخلق كلهم دار قطب الدين للنهب فلم يمكنه المقام لضيق الشوارع وغلبة العامة فهرب من داره من باب فتحه في ظهرها لكثرة الخلق على بابها وخرج من بغداد ونهبت داره وأخذ منها من الأموال ما لا يعد ولا يحصى فرئي فيها من التنعم ما ليس لأحد مثله فمن جملة ذلك أن بيت الطهارة الذي كان له فيه سلسلة ذهب من السقف إلى محاذي وجه القاعدة على الخلا وفي أسفلها كرة كبيرة ذهب مخرمة محشوة بالمسك والعنبر ليسمها إذا قعد فتشبث إنسان وقطعها ودخل بعض الصعاليك فأخذ عدة أكياس مملوءة دنانير.
وكان الأقوياء قد وقفوا على الباب يأخذون ما يخرج به الناس فلما أخذ ذلك الصعلوك الأكياس قصد المطبخ فأخذ منه قدرا مملوءة طبيخا وألقى الأكياس فيها وحملها على رأسه والناس يضحكون منه فيقول أنا أريد شيئا أطعمه عيالي اليوم فنجا بما معه فاستغنى بعد ذلك فظهر المال ولم يبق من نعمة قطب الدين في ساعة واحدة قليل ولا كثير.
ولما خرج من البلد تبعه تنامش وجماعة من الأمراء فنهبت دورهم أيضا وأخذت أموالهم وأحرق أكثرها وسار قطب الدين إلى الحلة ومعه الأمراء فسير الخليفة إليه صدر الدين عبد الرحيم شيخ الشيوخ فلم يزل به يخدعه حتى سار عن الحلة إلى الموصل على البر فلحقه ومن معه عطش عظيم فهلك أكثرهم من شدة الحر والعطش ومات قطب الدين قبل وصوله إلى الموصل فحمل ودفن بظاهر باب العمادي وقبره مشهور هناك.
وهذا عاقبة عصيان الخليفة وكفران الإحسان والظلم وسوء التدبير فإنه ظلم أهل العراق وكفر إحسان الخليفة الذي كان قد غمره ولو أقام بالحلة وجمع العساكر وعاود بغداد لاستولى على الأمور كلها كما كان فإن عامة بغداد كانوا يريدونه وكان قويا بالإحسان على البلاد فأطاعوه.
ولما مات في ذي الحجة وصل علاء الدين تنامش إلى الموصل فأقام