حيث كان الفرنج بالقرب منهم فكانوا يخرجون ويقاتلون صلاح الدين عند جبل حوشن فلا يقدر على القرب من البلد.
وأرسل سعد الدين إلى سنان مقدم الإسماعيلية وبذل له أموالا كثيرة ليقتلوا صلاح الدين فأرسلوا جماعة منهم إلى عسكره فلما وصلوا رآهم أمير اسمه خمارتكين صاحب قلعة أبي قبيس فعرفهم لأنه جارهم في البلاد كثير الاجتماع بهم والقتال لهم فلما رآهم قال لهم ما الذي أقدمكم وفي أي شيء جئتم فجرحوه جراحات مثخنة وحمل أحدهم على صلاح الدين ليقتله فقتل دونه وقاتل الباقون من الإسماعيلية فقتلوا جماعة ثم قتلوا.
وبقي صلاح الدين محاصرا لحلب إلى سلخ جمادى الآخرة ورحل عنها مستهل رجب، وسبب رحيله أن القمص الصنجيلي صاحب طرابلس كان قد أسره نور الدين علي حارم سنة تسع وخمسين وخمسمائة وبقي في الحبس إلى هذه السنة فأطلقه سعد الدين بمائة ألف وخمسين ألف دينار صورية وألف أسير فلما وصل إلى بلده اجتمع الفرنج عليه يهنئونه بالسلامة وكان عظيما فيهم من أعيان شياطينهم فاتفق أن مري ملك الفرنج لعنه الله مات أول هذه السنة وكان أعظم ملوكهم شجاعة وأجودهم رأيا ومكرا ومكيدة فلما توفي خلف ابنا مجذوبا عاجزا عن تدبير الملك فملكه الفرنج صورة لا معنى تحتها وتولى القمص ريمند تدبير الملك الحل والعقد عن أمره يصدرون فأرسل إليه من حلب يطلبون منه أن يقصد بعض البلاد التي بيد صلاح الدين ليرحل عنهم فسار إلى حمص ونازلها سابع رجب فلما تجهز لقصدها سمع صلاح الدين الخبر فرحل عن حلب فوصل إلى حماة ثامن رجب بعد نزول الفرنج على حمص بيوم ثم رحل إلى الرستن فلما سمع الفرنج بقربه رحلوا عن حمص ووصل صلاح الدين إليها فحصر