مدلون بكثرتهم وبما معهم من العدد وغيرها والتحم القتال وعظم الأمر على المسلمين وألحقهم العدو بخيامهم وأيقن الروم بالظفر فلما رأى المسلمين عظم ما نزل بهم اختاروا الموت ورأوا أنه أسلم لهم وأخذوا بقول الشاعر:
(تأخرت أستبقي الحياة فلم أجد * لنفسي حياة مثل أن أتقدما) فحمل بهم الحسن بن عمار أميرهم وحمي الوطيس حينئذ وحرضهم على قتال الكفار وكذلك فعل بطارقة الروم حملوا وحرضوا عساكرهم.
وحمل منويل مقدم الروم فقتل في المسلمين فطعنه المسلمون فلم يؤثر فيه لكثرة ما عليه من اللباس فرمى بعضهم فرسه فقتله واشتد القتال عليه فقتل هو وجماعة من بطارقته فلما قتل انهزم الروم أقبح هزيمة وأكثر المسلمون فيه القتل ووصل المنهزمون إلى جرف خندق عظيم كالحفرة فسقطوا فيها من خوف السيف فقتل بعضهم بعضا حتى امتلأت وكانت الحرب من بكرة إلى العصر وبات المسلمون يقاتلونهم في كل ناحية وغنموا من السلاح والخيل وصنوف الأموال ما لا يحد.
وكان في جملة الغنيمة سيف هندي عليه مكتوب هذا سيف هندي وزنه مائة وسبعون مثقالا طالما ضرب به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى المعز مع الأسرى والرؤوس وسار من سلم من الروم إلى ريو.
وأما أهل رمطة فإنهم ضعفت نفوسهم وكانت الأقوات قد قلت عندهم فأخرجوا من فيها من الضعفاء وبقي المقاتلة فزحف إليهم المسلمون وقاتلوهم