فعاد عن نصيبين نحو الموصل وتركبها من يحفظها، وكان أبو تغلب بن ناصر الدولة قد قصد الموصل وحارب من بها من أصحاب معز الدولة وكانت الدائرة عليه فانصرف بعد أن أحرق السفن التي لمعز الدولة وأصحابه.
ولما انتهى الخبر إلى معز الدولة بظفر أصحابه سكنت نفسه وأقام ببرقعيد يتوقع أخبار ناصر الدولة فبلغه أنه نزل بجزيرة ابن عمر فرحل عن ببرقعيد إليها فوصلها سادس شهر رمضان فلم يجد بها ناصر الدولة فملكها وسأل عن ناصر الدولة فقيل انه بالحسنية ولم يكن كذلك وانما كان قد اجتمع هو وأولاده وعساكره وسار نحو الموصل فأوقع بمن فيها من أصحاب معز الدولة فقتل كثيرا منهم وأسر كثيرا وفي الأسرى أبو العلاء وسبكتكين وبكتوزون وملك جميع ما خلفه معز الدولة من مال وسلاح وغير ذلك وحمل جميعه مع الأسرى إلى قلعة كواشي.
فلما سمع معز الدولة بما فعله ناصر الدولة سار يقصده فرحل ناصر الدولة إلى سنجار، قلما وصل معز الدولة بلغه مسير ناصر الدولة إلى سنجار فعاد إلى نصيبين فسار أبو تغلب بن ناصر الدولة إلى الموصل فنزل بظاهرها عند الدير الأعلى ولم يتعرض إلى أحد ممن بها من أصحاب معز الدولة فلما سمع معز الدولة بنزول أبي تغلب بالموصل سار إليها ففارقها أبو تغلب وقصد الزاب فأقام عنده وراسل معز الدولة في الصلح فأجابه لأنه علم أنه متى فارق الموصل عادوا وملكوها ومتى أقام بها لا يزال مترددا وهم يغيرون على النواحي فأجابه إلى ما التمسه وعقد عليه ضمان الموصل وديار ربيعة والرحبة وما كان في يد أبيه بمال قرره وان يطلق من عندهم من الأسرى فاستقرت القواعد على ذلك ورحل معز الدولة إلى بغداد وكان معه في سفرته هذه ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة.