المنصور وحمل هو بنفسه ومن معه فانهزم أبو يزيد إلى جبل سالات ورحل المنصور في أثره فدخل مدينة المسيلة ورحل في أثر أبي يزيد في جبال وعرة وأودية عميقة خشنة الأرض فأراد الدخول وراءه فعرفه الإدلاء أن هذه الأرض لم يسلكها جيش قط واشتد الأمر على العسكر فبلغ عليق كل دابة دينارا ونصفا وبلغت قربة الماء دينارا وأن ما وراء ذلك رمال وقفار بلاد السودان ليس فيها عمارة وأن أبا يزيد اختار الموت جوعا وعطشا على القتل بالسيف.
فلما سمع ذلك رجع إلى بلاد صنهاجة فوصل إلى موضع يسمى قرية دمره فاتصل به الأمير زيري بن مناد الصنهاجي الحميري بعساكر صنهاجة وهذا زيري هو جد بني باديس ملوك أفريقية كما يأتي ذكره إن شاء الله تعالى فأكرمه المنصور وأحسن إليه، ووصل كتاب محمد بن خذر يذكر الموضع الذي فيه أبو يزيد من الرمال.
ومرض المنصور مرضا شديدا أشفي منه فلما أفاق من مرضه رحل إلى المسيلة ثاني رجب وكان أبو يزيد قد سبقه إليها لما بلغه مرض المنصور وحصرها فلما قصده المنصور هرب منه يريد بلاد السودان فأبى ذلك بنو كملان وهوارة وخدعوه وصعد إلى جبال كتامة وعجيسة وغيرهم فتحصن بها واجتمع إليه أهلها وصاروا ينزلون يتخطفون الناس فسار المنصور عاشر شعبان إليه فلم ينزل أبو يزيد فلما عاد نزل إلى ساقة