لأنه كان واجدا عليهم لطاعتهم أبا يزيد وأرسل من ينادي في الناس بالأمان وطابت نفوسهم ورحل إليهم فوصلها يو الخميس لست بقين من شوال وخرج إليه أهلها فأمنهم ووعدهم خيرا.
ووجد في القيروان من حرم أبي يزيد وأولاده جماعة فحملهم إلى المهدية وأجرى عليهم الأرزاق.
ثم ان أبا يزيد جمع عساكره وأرسل سرية إلى القيروان يتخبرون له فاتصل خبرهم بالمنصور فسير إليهم سرية فالتقوا واقتتلوا وكان أصحاب أبي يزيد قد جعلوا كمينا فانهزموا وتبعهم أصحاب المنصور فخرج الكمين عليهم فأكثر فيهم القتل والجراح.
فلما سمع الناس ذلك سارعوا إلى أبي يزيد فكثر جمعه فعاد ونازل القيروان وكان المنصور قد جعل خندقا على عسكر ففرق أبو يزيد عسكره ثلاث فرق وقصد هو بشجعان أصحابه إلى خندق المنصور فاقتتلوا وعظم الأمر وكان الظفر للمنصور ثم عاودوا القتال فباشر المنصور القتال بنفسه وجعل يحمل يمينا وشمالا والمظلة على رأسه كالعلم ومعه خمسمائة فارس وأبو يزيد في مقدار ثلاثين ألفا فانهزم أصحاب المنصور هزيمة عظيمة حتى دخلوا الخندق ونهبوا وبقي المنصور في نحو عشرين فارسا.
وأقبل أبو يزيد قاصدا إلى المنصور فلما رآهم شهر سيفه وثبت مكانه وحمل بنفسه على أبي يزيد حتى كاد يقتله فولى أبو يزيد هاربا وقتل المنصور من أدرك منهم وأرسل من يرد عسكره فعادوا وكانوا قد سلكوا طريق المهدية وسوسة وتمادى القتال إلى الظهر فقتل منهم خلق كثير وكان يوما من الأيام المشهورة لم يكن في ماضي الأيام مثله.