ودخل إلى مؤنس وأشار عليه بالحضور عند القاهر وحمله عليه وقال له إن تأخرت طمع ولو رآك نائما ما تجاسر أن يوقظك وكان موافقا مؤنس وأصحابه لما نذكره، فسار مؤنس إليه فلما دخل الدار قبض القاهر عليه وحبسه ولم يره.
قال طريف: لما أعلمت القاهر بمجيء مؤنس ارتعد وتغيرت أحواله وزحف من صدر فراشه فخفته أن أكلمه في معناه وعلمت أنني قد أخطات وندمت وتيقنت انني لاحق بالقوم عن قريب وذكرت قول مؤنس فيه إنه يعرفه بالهوج والشر والأقدام والجهل وكان أمر الله قدرا مقدورا؛ وكانت وزارة ابن مقلة هذه تسعة أشهر وثلاثة أيام.
واستوزر القاهر أبا جعفر محمد بن القاسم بن عبيد الله مستهل شعبان، وخلع عليه، وأنفذ القاهر وختم على دور مؤنس ويلبق وابنه علي وابن مقلة وأحمد بن زيرك والحسن بن هارون ونقل دوابهم ووكل بحرمهم وأنفذ استقدم عيسى المتطبب من الموصل وأمر بنقل ما في دار ابن مقلة وإحراقها فنهب وأحرقت ونهبت دور المعتقلين بهم وظهر محمد بن ياقوت وقام بالحجبة ثم رأى كراهية طريف السبكري والساجية له فاختفى وهرب إلى أبيه بفارس، فكاتبه القاهر يلومه على عجلته بالهرب وقلده كور الأهواز.
وكان السبب في ميل طريف السبكري والساجية والحجرية إلى القاهر ومواطأتهم على مؤنس ويلبق وابنه ما نذكره وهو أن طريفا كان قد أخذ قواد مؤنس وأعلاهم منزلة وكان يلبق وابنه ممن يقبل يده ويخدمه،