دار الخليفة ووقف القاهر فعظم الأمر حينئذ على ابن يلبق وجماعتهم وانكر يلبق ما جرى على ابنه وسب الساجية وقال لا بد من المضي إلى دار الخليفة فإن كان الساجية فعلوا هذا بغير تقدم قابلتهم بما يستحقونه وإن كان بتقدم سألته عن سبب ذلك.
فحضر دار الخليفة ومعه جميع القواد الذين بدار مؤنس فلم يوصله القاهر إليه وأمر بالقبض عليه وحبسه وأمر بالقبض على أحمد بن زيرك صاحب الشرطة وحصل الجيش كلهم في الدار فانفذ القاهر وطيب نفوسهم ووعدهم الزيادة وأنه يوقف هؤلاء على ذنوبهم ثم يطلقهم ويحسن إليهم فعادوا، وراسل القاهر مؤنسا يسأله الحضور عنده ليعرض عليه ما رفع عليهم ليفعل ما يراه وقال أنه عندي بمنزلة الوالد وما أحب أن أعمل شيئا إلا عن رأيه؛ فاعتذر مؤنس عن الحركة ونهاه أصحابه عن الحضور عنده.
فلما كان الغد أحضر القاهر طريفا السبكري وناوله خاتمه وقال له قد فوضت إلى ولدي عبد الصمد ما كان المقتدر فوضه إلى ابنه محمد وقلدتك خلافته ورياسة الجيش وإمارة الأمراء وبيوت الأموال كما كان ذلك إلى مؤنس ويجب أن تمضي إليه وتحمله إلى الدار فإنه ما دام في منزله يجتمع إليه من يريد الشر ولا يأمن [أن] تولد شغل فيكون ههنا مرفها ومعه من أصحابه من يخدمه على عادته.
فمضى إلى دار مؤنس وعنده أصحابه في السلاح وهو قد استولى عليه الكبر والضعف فسأله أصحاب مؤنس عن الحال فذكر سوء صنيع يلبق وابنه فكلهم سبهما وعرفهم ما أخذ لهم من الأمان والعهود فسكتوا،