وملازمة الندماء والمضحكين وأهمل أمور المملكة وأحوال الرعية، وأرسل كتابا يوم ولى إلى عمه الأحول على لسان أبيه يستعجله في القدوم عليه ويحثه على السرعة فسار مجدا ولم يعلم بقتل أبي العباس فلما وصل قتله وقتل من قدر عليه من أعمامه وأخوته.
واشتدت شوكة أبي عبد الله الشيعي في أيامه وقوي أمره وكان الأحول قبالته فلما قتل صفت له البلاد ودانت له الأمصار والعباد، فسير إليه زيادة الله جيشا مع إبراهيم بن أبي الأغلب وهو من بني عمه بلغت عدتهم أربعين ألفا سوى من انضاف إليه فهزمه أبو عبد الله الشيعي على ما نذكره آنفا فلما اتصل بزيادة الله خبر الهزيمة علم أنه لا مقام له لأن هذا الجمع هو آخر ما انتهت قدرته إليه فجمع ما عز عليه من أهل ومال وغير ذلك وعزم على الهرب إلى بلاد الشرق وأظهر للناس أنه قد جاء خبر الهزيمة أبي عبد الله الشيعي، وأمر بإخراج رجال من الحبس فقتلهم، وأعلم خاصته حقيقة الحال وأمرهم بالخروج معه.
فأشار عليه بعض أهل دولته بأن لا يفعل ولا يترك ملكه وقال له إن أبا عبد الله لا يجسر عليك، فشتمه ورد عليه رأيه وقال أحب الأشياء إليك أن يأخذني من يدي. وانصرف كل واحد من خاصته وأهله يتجهز للمسير معه وأخذ ما أمكنه حمله.
وكانت دولة آل الأغلب بإفريقية قد طالت مدتها وكثرت عبيدها