وهو الامتناع عن طاعته فيما يجب له جاز ضربها ولو بأول مرة و) لكن (يقتصر على ما يؤمل معه رجوعها ما لم يكن مدميا ولا مبرحا) وظاهره الفرق بين الموعظة والهجر وبين الضرب، فيجوز الأولان على ظهور أمارات النشوز بخلاف الأخير، فلا يجوز إلا مع تحقق النشوز، نعم معه يجوز من أول مرة، ولا يعتبر تقدم الوعظ أو الهجر بخلاف الأولين، فإن الثاني منهما مرتب على عدم نفع الأول، وهو أحد الأقوال في المسألة، محكي عن المبسوط والفاضل في القواعد، وكان وجهه أن الأصل في هذا الحكم الآية الشريفة (1) وهي قوله تعالى: " واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن، فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا " ولا ريب في ظهورها بترتب الأمور الثلاثة بخوف النشوز إلا أن الأخير منها لما علم بالاجماع المحكي عن المبسوط والخلاف اعتبار النشوز في جوازه المؤيد بقاعدة عدم جواز العقوبة إلا على فعل المحرم وجب تقدير ذلك بالنسبة إليه في الآية، وبقيت على ظاهرها في الأولين، واطلاقها حينئذ يقتضي جواز الضرب مع تحقق النشوز من غير تقدم الوعظ والهجر، أما هما فمترتبان على حسب ترتب النهي عن المنكر.
وفيه أن الهجر تفويت لحقها الواجب عليه أيضا، فلا يجوز قبل تحقق الذنب، إذ هو عقوبة أيضا لا تجوز بدون فعل المحرم، وكونه أوسع من الضرب لا يقتضي جوازه بظهور أمارات المعصية، وإلا لجاز الضرب، ودعوى الاكتفاء بظاهر الآية في جوازه يقتضي جواز الضرب أيضا، ضرورة اتحاد الجميع بالنسبة إلى دلالتها اللهم إلا أن يقال: إن الاجماع السابق منع منه بالنسبة إلى الضرب بخلاف الأولين، أو يقال: إن ذلك أيضا محرم عليها وإن لم يكن نشوزا، فجوز عقابها بالهجر بخلاف الضرب المشروط جوازه بالنشوز للاجماع السابق، إلا أن الجميع كما ترى مجرد اقتراح وتعسف بلا شاهد معتد به.
ومن هنا كان ظاهر المصنف في النافع ترتب الثلاثة على ظهور أمارات النشوز