ولو كان بعض المهر حالا وبعضه مؤجلا فلكل واحد حكم نفسه، فلها أن تمتنع حتى تقبض الحال دون المؤجل وإن قل كما قرر.
(و) من ذلك أيضا يعرف الحال في أنه (هل لها ذلك) أي الامتناع (بعد الدخول؟ قيل) والقائل المفيد فيما حكي عن مقنعته، والشيخ فيما حكي من مبسوطه: (نعم) لها ذلك، لأن أحد العوضين وهو منفعة البضع تتجدد لا يمكن قبضه جملة، والمهر بإزاء الجميع، فبالتسليم مرة لم يحصل الاقباض، فجاز الامتناع، ولعموم العسر والحرج والضرر والظلم.
(وقيل: لا وهو) - مع كونه أشهر، بل المشهور، بل عن السرائر الاجماع عليه - (أشبه) بأصول المذهب وقواعده، (لأن الاستمتاع حق لزم بالعقد) خرج منه الاستمتاع قبل القبض بالاجماع، فيبقى الباقي على أصله، ولما سمعته من سقوط حقها برضاها، ولا دليل على عوده.
بل في المسالك " وفي معناه ما لو سلم الولي من ليست بكاملة ولم يقبض الصداق، فهل لها الامتناع بعد الكمال حتى تقبضه؟ وجهان، وأولى بعدم الجواز لأن تسليم الولي شرعي، إلا أن يمنع من جواز تسليمه لها قبل قبض المهر كغيره من المعاوضات، فتساوي المكرهة في الحكم " وهو كما ترى.
على أنه قد ذكر في المسالك في مقدماته في المسألة " أنه هل يشترط في القبض وقوعه طوعا أم يكتفى به مطلقا؟ وجهان: من حصول الغرض، وانتقال الضمان به كيف اتفق، ومن تحريم القبض بدون الإذن، فلا يترتب عليه الأثر الصحيح، والحق أن بعض أحكام القبض متحققة كاستقرار المهر بالوطء كرها، وبعضه غير متحقق قطعا كالنفقة، ويبقى التردد في موضع النزاع حيث يدخل بها كرها هل لها الامتناع بعده من الاقباض حتى تقبض المهر أم لا؟ قلت: لا وجه للتردد هنا ضرورة عدم دليل على سقوط حق الامتناع بالوطء حتى أنه يصدق مع الاكراه، وإنما هو حق اقتضته المعاوضة التي لا فرق في اقتضائها بين حالي الاختيار والاكراه،