وهو قوي إن لم نتحقق إعراض الأصحاب عنه على هذا التقدير، ترجيحا لما دل على اعتبار المصلحة في التصرف في مال المولى عليه من قوله تعالى (1):
" ويسألونك عن اليتامى قل: إصلاح لهم خير " وقوله تعالى (2): " ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن " وغير ذلك على هذه النصوص التي - ربما كان خبر إسحاق بن عمار (3) منها شاهدا على ما سمعت - توجب حينئذ صرف ظاهرها إليه أو رفع البعد عنه، نحو ما يظهر أيضا منها من مضي عفو كل من له الأمر في نكاحها وما لها من وصي أو غيره مما لم نعرف قائلا به وإن كان هو غير بعيد، بل لولا اتفاق الأصحاب ظاهرا على خلاف ذلك لأمكن أن يقال المراد من الآية بيان العفو منها أو من وليها على حسب عفوه عن غير ذلك من ديونها وأموالها، فلا يختص المقام حينئذ بخصوصية.
بل ربما حكي عن ابن إدريس والعلامة في المختلف وحاشية الكركي اعتبار المصلحة في العفو ولو عن البعض، ومقتضاه عدم الخصوصية للمقام، لكن قد يستفاد من معقد الاتفاق في محي الخلاف والمبسوط أن للأب والجد العفو، وأنه المذهب في محكي التبيان ومجمع البيان وروض الجنان للشيخ أبي الفتوح وفقه القرآن للراوندي والأخبار أن للمقام خصوصية، وهي جواز عفوهما مطلقا مع المصلحة وعدمها.
بل ما ذكره المصنف (و) غيره - من أنه (يجوز للأب والجد للأب أن يعفو عن البعض وليس لهما العفو عن الكل) بل قيل: إنه بظهر الاتفاق عليه في المبسوط والتبيان ومجمع البيان وفقه القرآن للراوندي - أصرح في إثبات الخصوصية، ولعل دليله الأصل، وصحيح رفاعة (4) السابق ومرسل ابن أبي عمير (5)