(و) كيف كان فعن الشيخ في أول الباب من المبسوط، وابني زهرة وحمزة والقاضي أنه (يشترط) في صحة الحوالة (تساوي المالين) أي المحال به والمحال عليه (جنسا) ونوعا (ووصفا) بل لعله ظاهر النافع وغيره مما عرف فيه الحوالة بتحويل المال من ذمة إلى ذمة مشغولة بمثله، بل عن التذكرة من مشاهير الفقهاء وجوب التساوي في الدينين، للأصل بعد عدم إطلاق في نصوص الباب يوثق به في تناول المفروض، ولا سيرة كاشفة ولا غيرهما مما يطمئن به.
و " أوفوا بالعقود " قد ذكرنا غير مرة أن المراد منه بيان لزوم العقود المتعارفة المذكورة في كتب الفقهاء، فلا دلالة فيها على صحة المشكوك فيه من أفراد نوع منها، بعد أن لم يكمن في أدلته بالخصوص إطلاق صالح لشموله، على أن في الحكم بالبطلان (تفصيا من التسلط على المحال عليه) بما لم تشتغل ذمته به (إذ لا يجب) عليه (أن يدفع إلا مثل ما عليه) وجواز دفع شخص من جنس غيره بالتراضي معاوضة مستقلة أو وفاء للأدلة الخاصة التي لا تشتمل الحوالة قطعا، وإن كان لها حكم الوفاء في بعض الأحوال دون بعض، كما عرفته سابقا ولعله إلى ذلك يرجع الاستدلال على المطلوب من بعضهم، بأن حقيقة الحوالة تحويل ما في ذمة المحيل إلى ذمة المحال عليه، فإذا كان على المحيل دراهم، وله على المحال عليه دنانير، كيف يصير حق المحتال عليه دراهم، ولم يقع عقد يوجب ذلك، فإن الحوالة إن كانت استيفاء كان بمنزلة من استوفى دينه، وأقرضه المحال عليه، فحقه الدراهم، لا الدنانير، ولن كانت معاوضة فليست على حقيقة المعاوضات التي يقصدها تحصيل ما ليس بحاصل، من جنس مال، أو زيادة قدر أو وصف، وإنما هي معاوضة إرفاق ومسامحة للحاجة، فاشترط فيها التجانس والتساوي لئلا يتسلط على المحال عليه بما ليس في ذمته، بتقريب كون المراد أن الثابت من مشروعية الحوالة النقل المزبور والتبديل المذكور، لا غيره، وحينئذ لا تقتضي غيره وإن تراضيا، لأن تراضيهما على ما لم يجعله الشارع مقتضى عقد، لا يكون مقتضيا لترتب ذلك عليه وإن قصداه وتراضيا به.
(و) لكن مع ذلك كله قال المصنف: (فيه تردد) بل عن المبسوط في