مع التراضي فلا أثر في الاخبار لاعتبارها، وكان الشيخ ومن تبعه تبع العامة فيها، وفيما ذكروه من أحكام القسمة، بل ظاهر جملة من النصوص الاكتفاء بالرضا من دون قرعة كخبر غياث (1) " عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام في رجلين بينهما مال: منه بأيديهما ومنه غائب عنهما، فاقتسما ما في أيديهما، وأحال كل واحد منهما نصيبه، فما اقتضى أحدهما فهو بينهما، وما يذهب منهما " ومثله خبر الثمالي (2) عن أبي جعفر عليه السلام وخبر محمد بن مسلم (3) عن أحدهما وصحيحا (4) معاوية بن عمار وعبد الله بن سنان وخبر سليمان بن خالد (5) فإن ظاهر الاقتسام لما في أيديهما ذلك.
قلت: قد يقال: بمنع صدق الاقتسام شرعا بعد فرض اعتبارها فيه، بناء على ما حكاه عن الأصحاب على المجرد عنها، فلا دلالة حينئذ بما في النصوص المزبورة على ما ذكره خصوصا بعد تعارف القرعة قديما وحديثا بين المتشرعة في قسمة الأموال المشتركة.
بل قد يقال: إن تعريف القسمة بأنها تمييز الحقوق بعضها عن بعض يقتضي أن حصة الشريك كلي دائر بين مصاديق متعددة فمع فرض تراضي الشريكين مثلا على قسمة المال نصفين، على أن يكون نصف كل واحد منهما في النصف المقسوم، احتيج إلى القرعة في تشخيص كل من النصفين لكل منهما، فهي حينئذ لاخراج المشتبه والمتردد، وهو محل القرعة لاشكاله، لا أن القرعة ناقل أو جزء ناقل، لاستحقاق كل من المالين إلى الآخر.
بل إن لم يكن اجماع أمكن القول بأن المراد من إشاعة الشركة، دوران حق الشريك بين مصاديقه، لا أن المراد منها ثبوت استحقاق الشريكين في كل جزء يفرض وإلا لأشكل تحققها في الجزء الذي لا يتجزى من المال المشترك، وبذلك يتجه اعتبار القرعة في القسمة بعد تعديل السهام، ورضى الشريكين مثلا في تعيين كلي مصداق استحقاقهما بالشخص الخارج، ضرورة كونه حينئذ من مواردها بل لا يتحقق الاقتسام بدونها، لعدم كون المدار فيه رضاهما بأن ماله من الحق فيما في يد شريكه