كما عن بعض آخر من الشافعية.
ولا استبعاد في مشروعية ذلك بعد وقوع النظير له في الشريعة، كاسلام زوجة الكافر التي تخرج به عن حكم العقد إذا أسلم قبل انقضاء العدة، وكذا إذا ارتد أحد الزوجين، بل من نظيره ما إذا اشترى المرتهن عينا من الراهن بدينه فتلفت قبل القبض، أو تقايلا بعده، بناء على عود الرهانة بانفساخ البيع، وحاصله أن عقد الرهانة لم يبطل بالخمرية حتى يقال: أنه لا بد من استينافه، بل الخمرية صارت مانعة من جريان حكم العقد، فمتى زالت عمل العقد عمله، ودعوى أن استدامة الملك شرط في صحة العقد، يمكن منعها خصوصا مع ملاحظة كلام الأصحاب في المقام، بل أقصى ما يسلم كونها شرطا في استمرار حكم العقد، وحينئذ فما دل على عدم ملك الخمر لا يقتضي فساد الرهانة فتأمل جيدا.
وقد ظهر من ذلك كله أن ما عن أبي الصلاح - من أنه إن صار خمرا بطلت وثيقة الرهن ووجب إراقته - ضعيف إن أراد بذلك عدم العود إن عادت، بل وإن أراد عدم جواز إبقائها للتخليل، إذ الظاهر عدم الخلاف عندنا في جوازه، وهي المسماة بالخمرة المحترمة، كما ستسمع.
ثم إن كان الرهن مشروطا ببيع لم يكن للمرتهن الخيار في الفسخ، وإن لم يتعقب التخليل، للوفاء بالشرط، وكذا إذا لم يقبضه، بناء على عدم اعتبار القبض في صحة الرهن، وإن قلنا باعتباره في اللزوم، وأما على القول بالاعتبار في الصحة ولم يقبضه حتى صار خمرا فالظاهر البطلان، لعدم الشرط قبل تمام الرهانة بلا خلاف أجده بين من قال بشرطية القبض، كما اعترف به في جامع المقاصد، وإن كان قد ناقش هو في ذلك بأنه لا مانع من الصحة مع تخلل الخمرية بين العقد والقبض الذي هو أحد أجزاء السبب، إذ دعوى - كون الشرط قابلية المورد للرهانة من أول العقد إلى حين تمام السبب - لا دليل عليها لكنها مناقشة مقطوع بفسادها بين الأصحاب في جميع القيود المعتبر في تمام السبب غيرها، كالتقابض في الصرف، والقبض في المجلس في السلم، والقبض في الهبة، وغير ذلك مما هو عندهم كأجزاء العقد التي لا إشكال