بين القصاص والاسترقاق، بل قيل: إنه كذلك قولا واحدا، بل الظاهر الحاق جناية الأطراف بالنفس، ومن هنا يظهر لك أنه لا ينبغي بناء جواز العفو له على غير مال، على القولين المزبورين، فيصح على الأول، لأن اختيار المال ضرب من الاكتساب، ولا يجبر الراهن على ذلك لحق المرتهن، بل لو عفي مطلقا لم يثبت المال حينئذ، ولا يصح على الثاني، لأن عفوه حينئذ كعفو المحجور عليه لفلس لا ينفذ إلا فيما لا تعلق فيه للمال، إذ قد عرفت أن ذلك في الحر.
ثم إن كان الواجب في الجناية أكثر من قيمة القاتل أو مثلها، فعن الشيخ أنه يباع لأنه ربما رغب فيه راغب، فيفضل من قيمته شئ يكون رهنا عند مرتهنه. و عن بعض العامة ومحتمل التحرير، أنه ينقل عينه إلى مرتهن المجني عليه، لعدم الفائدة في بيعه، وربما رجح الأول بأن الحق في مالية العبد لا عينه التي لم يجبر الراهن عليها، وإنما تعلق بها حق مرتهن المقتول بسبب الجناية، وإن كان الواجب الأقل فبالنسبة، نقلا أو بيعا على الوجهين أيضا.
قلت: إن اتفق الثلاثة على نقل العين أو البيع فلا بحث، وقد يحتمل صيرورة الزائد رهنا في الأول لو تجددت زيادة قيمته، والأقوى خلافه مع بطلان رهانته حال النقل، إذ لا دليل على عودها في المتجدد، وإن اتفق الراهن ومرتهن المقتول على أحد الأمرين، لم يكن لراهن القاتل منعهما منه، سواء كان بيعا أو نقلا، إلا إذا وجد الراغب الباذل لزيادة على قيمة المقتول، فله حينئذ الالزام بالبيع، أو ابقاء ما قابلها منه رهنا عنده، ولو اتفق المرتهنان على أحد الأمرين، كان للراهن مخالفتهما لأن حق الجناية له.
واحتمال أن لمرتهن القتيل الالزام بالبيع -، لأن الدية المستحقة نقدا و الالزام بالنقد، لأن الاستحقاق حينئذ له، وإلا فالمولى لا يستحق على مملوكه - ضعيف لأن استحقاقه تبع لاستحقاق المولى لو كان غير مالك، فالمتجه حينئذ كون التخيير بيد المولى في البيع أو النقل، بناء على ثبوت ذلك للمولى غير المالك، وثبوت حق الرهانة في رقبة الجاني قهرا - لعموم ما دل على أن جناية العبد في رقبته، الشامل