فاسدة، بخلاف ما لو كانت المضاربة به لغيره، فإن الربح جميعه للمالك، إذا أجاز لأنه وكيل عنه في قبض الدين، فيتعين بتعيين المديون، وقبض الوكيل.
ولا يرد أن فساد المضاربة يستلزم فساد القبض، لأنه تابع لها لمنع الملازمة، فإن فساد المضاربة إنما يقتضي فساد لوازمها، وقبض المال من المديون أمر آخر وراء المضاربة وأحكامها، فيكون بمنزلة الوكيل بالنسبة إلى قبض المال، والمضاربة بالنسبة إلى العمل، فيبطل متعلق المضاربة خاصة، كما لو جمع في عقد واحد بين شيئين ويفسد أحدهما، فإنه لا يقتضي فساد الآخر، فيكون للعامل أجرة المثل، كما هو مقتضى المضاربة الفاسدة مع جهله، والربح للمالك مع إجازته الشراء بالعين، ولو كان الشراء في الذمة فالربح للعامل، إن نوى الشراء لنفسه، وإلا فلا، كما صرح بذلك كله في جامع المقاصد.
نعم ظاهره أن العامل يستحق الأجرة إذا حصل الربح للمالك، وإلا فلا، ولعله لعدم ضمان عمله على تقدير صحة المضاربة، وما لا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده، لكنه بل لا يخلو من إشكال، ويأتي تحقيقه إن شاء الله في باب المضاربة، كما أن ظاهر إرادة الشهيد في الدروس من إطلاق كون الربح للعامل مع الشراء في الذمة، ما إذا نوى الشراء لنفسه لا المالك، وإلا كان فضوليا في الواقع، وإن لزم بالثمن ظاهرا إذا لم يصرح بالغير، ضرورة كون الفرق بين العين والذمة ذلك، فالشراء بالأولى يقع لمالكها على الأصح وإن نوى به غيره، بخلاف الذمة كما هو محرر في محله.
فلا بد من تنزيل إطلاق الدروس على ذلك، قال فيها: ولا تصح المضاربة بالدين لا للمديون ولا لغيره لعدم تعينه، فلو ضارب وربح فالربح لصاحب المال، أما المديون إن كان هو العامل، أو المديون إن كان غير العامل، إلا أن يشترى في الذمة فيكون الربح له وعليه الإثم والضمان.
وكيف كان فالفرق بينهما بما عرفت، لم أجد فيه خلافا بين من تعرض له من الفاضل وغيره، في القواعد (لا تصح المضاربة بالدين قبل قبضه، فإن فعل فالربح بأجمعه للمديون إن كان هو العامل، وإلا فللمالك وعليه الأجرة وإن كان محتاجا إلى التقييد