وكيف كان فما يقبضه الحاكم من الأثمان على التدريج، فإن كان الغريم واحدا سلم إليه من غير تأخير، وكذا إن أمكنت قسمته بسرعة، وإن كان يعسر قسمته لقلته وكثرتهم جاز له التأخير، إلا إذا امتنعوا، فإنه يقسم عليهم حينئذ ولا يكلفوا حجة على انتفاء غيرهم لعسرها، بل يكتفي بإشاعة حاله، بحيث لو كان لظهر، وتكليف الورثة الحجة على انتفاء غيرهم باعتبار كونهم أضبط من الغرماء لا يستلزمه هنا. والله أعلم.
(ولو اقتضت المصلحة تأخير القسمة قيل) والقائل الشيخ في المحكي عن مبسوطه والفاضل في قواعده (يجعل) المال (في ذمة ملى) بقرض ونحوه (احتياطا) لحفظ المال، إذ هو أولى من الايداع المحتمل للتلف بلا ضمان (وإلا) يوجد ملي يجعله في ذمته (جعل وديعة لأنه موضع ضرورة) حينئذ، وظاهرهما وجوب الأول مع التمكن عنه، وإن لم يكن في غيره مفسدة ونوقش في ذلك بأن فرض الحاكم في الأموال التي يليها الاستيداع، كما في أموال اليتامى وغيرهم ممن أمره أحوط من مال المفلس، والفرق بأن مال الصبي معد لمصلحة تظهر له، من شراء تجارة أو عقار ونحوهما، وقرضه قد ينافي ذلك، بخلاف مال المفلس المعد للغرماء خاصة كما ترى، ولعله لذا نسبه المصنف إلى القيل مشعرا بتمريضه، بل في التذكرة، القطع بجواز الايداع، مع التمكن من القرض، وإن كان هو أولى واستحسنه في المسالك.
لكن قد يقال: إن الموافق لما تقدم من المسالك وغيرها وجوب مراعاة الأصلح للأمين الشرعي الذي في الحقيقة نائب عن الشارع في ذلك، ومعلوم أن الأصلح واجب المراعاة على الشارع، لقبح ترجيح المرجوح بالنسبة إليه، ولعل ذلك هو مبني ما تقدم سابقا، وإن كان هو متخلفا في بعض أفراده، ضرورة الفرق بين مراعاة الأصلح من الأفراد الموجودة، وبين تطلب الفرد الأصلح وإن لم يعلم بوجوده، فإنه يمكن منع وجوب الثاني بخلاف الأول، بل قد يمنع وجوب تطلب ذي المصلحة فضلا عن الأصلح.
وعلى كل حال يكون ذلك هو المدار في المسألة وأفراده مختلفة لا يسع الفقيه ضبطها، وينبغي حينئذ اعتبار الأمانة مع الملاءة، بل لعل الأولى أخذ الرهن مع