ما أنكر رهانته فيكون هو المفوت لشرطه، فلا يفسخ بمجرد الاحتمال فإذا لم يكن له الفسخ لم يتوجه عليه اليمين ويختص اليمين بالراهن، وهو قوي جدا، ولا غرابة في بقاء العقد بلا شرط، وإن اتفقا معا عليه، بعد الجريان على الضوابط، كما أومى إليه فخر المحققين في المحكي عنه، فلاحظ، وتأمل. والله أعلم المسألة (التاسعة: لو كان له دينان أحدهما برهن) والآخر بلا رهن مثلا (فدفع) الراهن (إليه مالا واختلفا) في أنه عن ذي الرهن، أو عن فاقده (فالقول قول الدافع) بلا خلاف ولا إشكال (لأنه أبصر بنيته) التي لا تعلم إلا من قبله، بل ربما قيل: بأن القول قوله بلا يمين، لذلك، لكن يمكن أن يكون قد علم المرتهن منه ذلك، ولو بقرائن فيحتاج إلى اليمين حينئذ في النفي، خصوصا بعد مشروعيتها لنفي التهمة، أما لو ادعى المرتهن عليه الاقرار، فلا إشكال في توجه اليمين، و الأمر في ذلك سهل.
إنما الكلام فيما إذا اعترف الدافع بأنه لم ينو أحدهما حال الدفع، فقد يحتمل التوزيع، وبقاء التخيير، فله أن يصرفه الآن إلى ما شاء، بل جزم في جامع المقاصد بالأول، لصحة القبض والدفع، وليس أحدهما أولى من الآخر، ولأنه قد ملكه ملكا تاما. فإما عن الدينين، أو عن أحدهما بعينه، أو لا عن أحدهما، أو عن أحدهما لا بعينه، والكل باطل إلا الأول، لاستحالة الترجيح بلا مرجح، وملك المقضي به مع عدم زوال المقضي عن الذمة، ولأنه إن لم يزل عن ذمته شئ منهما لزم المحال، وإلا كان هو المقضي عنه.
لكن فيه أن الفعل المشترك لا ينصرف من دون تعيين، فالتوزيع محتاج إلى مرجح أيضا، وعدم اعتبار ذلك في قضاء الدين إنما يسلم مع عدم اختلاف جهة الدين لعدم ما يترتب حينئذ على النية، أما مع الاختلاف ولو بتعدد الغريم فلا. لأصالة بقاء المال على ملك الدافع، وبقاء شغل الذمة، وحينئذ فإن كان مبني الاحتمال الثاني ذلك، كان له وجه، وإلا فهو مشكل.