أو وهبه له، لانتفاء الحاجة إليه، ومعلوم أنه لا خيار لهما باعتبار هذين العقدين، أما لو شرط في كل من الهبة والرهن موصوفين في عقد البيع مثلا فظهر بخلاف الوصف ثبت الخيار بالعارض) وهو جيد جدا.
نعم قد يتجه البطلان في غير المعين كأحد العبدين أو العبيد، كما جزم به في المختلف، وفي حواشي الشهيد، وجامع المقاصد (المراد بالمجهول الذي لا يصح رهنه المجهول من جميع الوجوه، أو من بعضها بحيث يمنع من توجه القصد إليه، وما في الحق كالشاة من القطيع لا يتوجه القصد إليها، وأما المجهول لا كذلك، كهذه الصبرة، إذا لم يعلم قدرها فلا بأس به).
قلت: يمكن منع عدم توجه القصد إلى ما في الحق، بعد القطع بكونه مما يرهن، وإن لم يعلم جنسه ولا نوعه، ومن هنا كان ظاهر المختلف جوازه. نعم هو كذلك في الشاة من القطيع بعد إرادة الايهام الذي تنتفي معه الشرائط الأربعة، بل لا يصح رهنها مع إرادة الاطلاق، لا لأن المطلق لا يمكن قبضه إلا بقبض الفرد الذي هو غير مرهون، إذ هو مع أنه غير تام - بناء على عدم اعتبار القبض إلا إذا قلنا باعتبار كونه مما يقبض عليه أيضا - واضح المنع، ضرورة صدق قبض الكلي بقبض فرده، بل لعدم جواز بيعه لو بقي على إطلاقه، لعدم اشتراط القبض، أو لأنه قبض الجميع مقدمة لقبض الواحد، واحتمال استحقاق المرتهن على الراهن تعينه عند إرادة البيع فيصح حينئذ لذلك، يمكن منعه للأصل وغيره، وإن كان ذلك كله لا يخلو من نظر بل منع، ولو فرض أنه أرهنه شاة، ثم عينها له وقبضها المرتهن لم يبعد الصحة، وكذا لو أرهنه صاعا من صبرة، وإن لم يقبضه بعينه، وفي تنزيله على الإشاعة وعدمها الوجهان، ولعل الأقوى الأول، فتأمل جيدا.
فظهر من ذلك كله أن ما لا يجوز رهنه من المجهول، لا ينفك عن فقد أحد الشرائط الأربعة، وغيره لم يثبت عدم جواز رهنه، بل إطلاق الأدلة يقضي بخلافه، وعدم معرفة مقابلته للحق في بعض أحوال الجهل غير قادح، إذ لا يعتبر في الرهن إمكان استيفاء تمام الحق منه، بل يكفي فيه الوثوق باستيفاء بعضه، والله أعلم.