والمراد بالعقود المأمور بالوفاء بها المتداولة في زمن الشرع، وفي كون محل الفرض منها نوع شك وغموض. وإن علم تداول جنس الرهن، وتسميته رهنا حقيقة في اللغة والعرف غير معلوم، فلم يبق إلا الأصل المقتضي للفساد.
مضافا إلى اقتضاء صحة الرهن بها صحته في غير المضمونة، ضرورة عدم الفرق بينهما، إذ المراد من ضمانها، الالتزام بالمثل أو القيمة عند التلف الذي هو غير معلوم الحصول، فضمانها حينئذ متعلق على شرط، كتعليق ضمان غيرها على التلف بالتفريط الذي لم يعلم حصوله، فهما بالنسبة إلى ذلك سواء، بل كل منهما مضمون عند العقد في الجملة، وإن كان في الأولى بمجرد التلف، وفي الثانية به مع التفريط، وهو غير مجد.
لكن قد يناقش في ذلك كله، بانقطاع الأصل باطلاق أدلة الرهن الذي لا ينافيه اختصاص مورد بعضها بالدين، لصدق اسم الرهن الذي هو للأعم من الصحيح والفاسد عليه في عرف المتشرعة، فضلا عن اللغة الذي هو بمعنى الحبس، فيشمله حينئذ إطلاق الأدلة، ويحكم بصحته مع عدم العلم بالفساد.
كما أنه يحكم باندراجه في عموم الوفاء بالعقود، وإن سلم إرادة المتداول منها في ذلك الزمن، إلا أنه يكفي في اثباته معلومية تداول الجنس مع معلومية صدق ذلك الجنس على فرده الذي لم يعلم فساده، وخروج الرهن على غير المضمون بالاجماع غير قادح، على أنه قد يفرق بينهما بتعلق العهدة فيها بأحد الأمرين عينها أو بدلها بخلاف تلك، فإنه لا عهدة فيها لامكان تلفها بغير تفريط، فلا حق للمرتهن في بعض أحوالها.
وأما اشكال أصل الرهن عليها - بأن المقصود من الرهن استيفاء الحق المرهون عليه منه، ولا يعقل استيفاء الأعيان الموجودة من الرهن - فواضح الدفع، بأنه يكفي فيه التوثق به، لآخذ العوض عند الحيلولة، أو التلف الذي هو محل الحاجة، ولذا جاز أخذ مال الغاصب المساوي لما غصبه أو المخالف مع الامتناع عن رد العين و تعذر جبره.