ومن ذلك يظهر لك ضعف القول بعدم الجواز، كما عن الشيخ، والقاضي، والحلي، وسبطه يحيى بن سعيد، للأمرين المزبورين اللذين قد عرفت عدم اقتضائهما ذلك، بعد تسليم الأول منهما، بل وظهر لك أن تأدية المطلوب الذي قد عرفت الحال فيه بقول المصنف (وكذا مال الكتابة، ولو قيل بالجواز فيه كان أشبه) غير جيد إذ الخلاف كما عرفت مختص بالمشروطة، بل الخلاف فيها ضعيف جدا، لضعف دليله (و) الأمر سهل ف (يبطل الرهن عند فسخ الكتابة المشروطة) ممن له فسخها، لذهاب الاستحقاق به كالفسخ بالخيار كما هو واضح.
وكيف كان فقد عرفت فيما مضى أنه يعتبر في الحق كونه عهدة، أو دينا في الذمة يمكن استيفاؤه من الرهن الذي هو بمعنى الوثيقة لصاحب الحق مع التعذر أو لا معه، (و) إلا لم يكن وثيقة ف (لا يصح على ما لم يمكن استيفاؤه من الرهن كالإجارة المتعلقة بعين المؤجر مثل خدمته) فإنه مع تعذرها بموت ونحوه، بل بعصيان منه تنفسخ الإجارة فليس للمرتهن استيفاؤها من الرهن، وثبوت أجرة المثل عليه في بعض الأحوال الأجر الخاص، كما لو انتفع بنفسه في مدة الإجارة، أو أجر نفسه لغيره، ولم يجز المستأجر الأول، واختار الرجوع على الأجير، لأنه هو المتلف لا تسوغ أخذ الرهن، لعدم معلومية تحققها، فالرهن عليها حينئذ رهن على الحق قبل ثبوته، بل على احتمال ثبوته، بل كل معين من ثمن أو أجرة أو نحوها لا يصح الرهن عليه، لعدم إمكان استيفائه من الرهن، ولذا قال في التذكرة: (لا يجوز أخذ الرهن بعوض غير ثابت في الذمة، كالثمن المعين، والأجرة المعينة في الإجارة، والمعقود عليه في الإجارة إذا كان منافع معينة مثل إجارة الدار، والعبد المعين، والحمل المعين مدة معلومة، أو لحمل شئ معين إلى مكان معلوم، لأنه حق يتعلق بالعين، لا بالذمة، ولا يمكن استيفاؤه من الرهن، لأن منفعة العين لا يمكن استيفاؤها من غيرها، وتبطل الإجارة بتلف العين).
لكن قد يشكل ذلك كله باطلاق أدلة الرهن والاستيثاق للمال التي يكفي فيها الاستيفاء من الرهن في بعض الأحول، كما إذا استوفى المنفعة المؤجر مثلا، أو