بصحته، وإلا لزم بطلان بيع الشئ الحاضر في البلد إذا كان غائبا عن محل المعاملة ونحو ذلك مما هو معلوم البطلان، بل الأقوى في الأول الجواز، وفاقا لصريح جماعة بل لا أعرف مصرحا بالمنع، بل ظاهر المصنف وغيره ممن تردد في ذلك الميل إلى الجواز بعد التردد، لوجود المقتضي وهو العقد الصادر من أهله في محله، مع انتفاء المانع فيه وهو تعذر التسليم لامكانه كما هو المفروض، غاية الأمر تعذره في الحال وليس شرطا، وإلا لزم بطلان السلف فيما لا يوجد حال العقد، وبطلانه معلوم بالاجماع.
وأيضا ظاهر الفقهاء الاتفاق على جواز بيع الوديعة والعارية والعين المستأجرة وبيع الشئ الغائب، ولذا أورده العلامة فيما سمعت نقضا على الشافعي، بل جعله الثاني حجة على من منع من جواز بيع الدين قبل حلوله، وكذا المغصوب الذي حكي عن الفاضل الاجماع على جواز بيعه إذا كان البايع قادرا على انتزاعه، ولا ريب أن التسليم فيما ذكر يستدعي زمانا طويلا غالبا، وحمل ذلك كله على ما يمكن تسليمه قبل مضي زمان يفوت معه المنفعة المعتد بها ظاهر الفساد، بعد كون الأصحاب بين مطلق لاشتراط القدرة على التسليم المتحقق في المسألة ومصرح بالجواز فيها، أو فيما يستلزمها من المسائل المذكورة، بل سمعت عن المرتضى وابن الجنيد ومن وافقهما جواز بيع الآبق المقدور للبايع أو المشتري، بل عن ظاهر الشيخ وجماعة جواز بيع السمك في البرك العظيمة التي لا يمكن اصطيادها منها إلا بعد مشقة ومضي زمان، نعم عن الشيخ في الخلاف ما يوهم خلاف ذلك، حيث قال فيما لا يمكن اصطياده من السمك المشاهد في الماء الكثير إلا بمؤنة وتعب: إنه لا يصح بيعه عندنا، إلا إذا ضم إليه شئ من القصب أو غيره، لكنه ليس