والمتكلم هو من وقع منه ما سميناه (80) كلاما بحسب دواعيه وأحواله (81) وإنما ذكرناه (82) هاهنا، لأن الحروف هي الأصوات المقطعة.
والحروف على ضربين: متماثل ومختلف (83). وفي تضاد مختلفها (84) نظر كما قلناه في الصوت.
ولا يجوز على الصوت البقاء بلا خلاف. وهو مدرك بحاسة السمع في محله من غير شرط مماسة محله للحاسة وأما الضرب الآخر من الأعراض التي تحتاج إلى أمر زايد على المحل. ولا بد له من بنية مخصوصة حتى يصح وجوده فيها، فهو (85) على ضربين: أحدهما أنه لا بد أن يوجد في كل جزء من تلك البنية أجزاء مثله حتى يصح وجوده في بعض، والآخر لا يجب ذلك فيه (86) بل لا يمنع إذا كانت البينة حاصلة أن يوجد في بعض البنية دون بعض، فالأول هو الحياة، فإنها لا تصح أن توجد فيما هو بنية الحياة إلا بأن توجد (87) في كل جزء من تلك البنية حياة.
ولا يجوز في بعض البنية دون بعض (88).
والحياة (89) جنس واحد متماثل كله ليس فيه مختلف ولا متضاد، ولا يدخل تحت مقدور القدر وهي غير مدركة أصلا.
والقسم الآخر هو ما لا يصح وجوده إلا في بنية الحياة، إذا كانت الحياة موجودة فيها وكل (90) ما يختص الحي من المعاني، فهو (91) على ضربين: ضرب يكفي في وجوده (92) محل الحياة من غير زيادة عليه، وهو الألم عند من قال: إن جنسه لا يصح وجوده في الجماد. فإن عنده يكفي في صحة وجوده محل الحياة وهو كله متماثل، ليس فيه مختلف، ولا متضادة وهو في مقدورنا، غير أنه لا يمكننا فعله إلا متولدا، وسببه تفرقة الأجزاء التي فيها حياة، وإبطال الصحة منها و أنه (93) يولد عند ذلك الألم. والقديم تعالى يصح أن يفعله مبتدأ ومتولدا، و نفس ما يقع ألما، يصح أن يقع لذة بأن يصادف شهوة له ومتى صادف نفارا كان