هو في مقدورنا، ولا يصح عليه البقاء بلا خلاف.
وأما الإرادات فعلى ضربين: متماثل ومختلف، وليس فيها متضاد.
فالمتماثل ما تعلق بمراد واحد على وجه واحد، في وقت واحد، وطريقة واحدة. و متى اختل شئ من هذه الأوصاف، كان مختلفا.
والإرادة تضاد الكراهة [بهذه الشروط الأربعة إذا كانت متعلقة، بالعكس من متعلق الإرادة] (114). وتعلق الإرادة لا يكون إلا بالحدوث، و [وكذلك (115)] تعلق الكراهة لا يكون إلا بالحدوث والكراهة مثل الإرادة في أن فيها مختلفا و متماثلا. وليس في نوعها متضاد، بل هي تضاد الإرادة على الشرايط التي ذكرناها.
والإرادة والكراهة جميعا في مقدورنا، ونفعلهما مبتدأ، لأنه لا سبب لهما يولد هما. ولا يصح عليهما البقاء بلا خلاف. والإرادة والمشية عبارتان عن أمر واحد، وتقع الإرادة على وجوه فيختلف عليها الاسم، وكذلك الكراهة.
والإرادة إما أن يتعلق بفعل غير المريد [أو تتعلق بفعل المريد] (116): فإن تعلقت بفعل غير المريد، فإنها تسمى إرادة لا غير وتوصف أيضا بأنها رضى غير أنها لا توصف بذلك إلا إذا وقع مرادها. ولا تتوسط بينهما وبين الفعل كراهة. لأن من أراد من غيره شيئا ثم كرهه، ووجد الفعل، فإن الإرادة المتقدمة لا توصف بأنها رضى. ومتى تعلقت بمنافع تصل إلى الغير، سميت محبة. وإذا تعلقت. بمضار.
تلحق الغير، سميت (117) بغضا وكذلك تسمى الكراهة لوصول المنافع إلى الغير، بأنها (118) بغض، وتسمى كراهة وصول مضرة إليه بأنها محبة. ومتى تعلقت بعقاب تصل إلى الغير ولعنة سميت غضبا. وليس الغضب تغير حال للغضبان بل هو ما قلناه. ومتى كانت الإرادة متعلقة بفعل المريد، فإن تقدمت عليه إن كان مبتدأ أو على سببه (119) إن كان مسببا، وكانت الإرادة من فعله، سميت عزما و توطينا للنفس.
وإن كانت الإرادة مصاحبة للفعل، سميت قصدا واختيارا وإيثارا ولا يسمى بذلك إلا إذا كانت من فعل المريد. وقد تسمى قصدا وإن تقدمت الفعل.