سادسا، التحقيق حول تاريخ تأليف هذه الكتب وضبط المتقدم والمتأخر منها، وقد بدأ صاحب الروضات أصل هذا البحث (111) وبعده العلامة السيد رضا الصدر في مقال له حول آثار الشيخ الفقهية نشر في المجلد الثالث من ذكرى الطوسي (112) ولنا ملاحظات في هذا الصدد أيضا.
وليس لدينا مجال واسع الآن للخوض في هذه النواحي، فإننا إنما نريد أن نقدم بحثا موجزا عن حياة الشيخ وآثاره تصديرا لهذه المجموعة، ولكن من الواجب إعطاء بعض التفصيل عن آثار الشيخ الفقهية هنا بمناسبة ما قمنا به من تصحيح كتاب " الجمل والعقود " في إطار هذه المجموعة، لكي يمتاز فضله على ساير كتب الشيخ الفقهية.
تحقيق حول كتب الشيخ الطوسي الفقهية وتنوعها مع القاء نظرة إجمالية على مسيرة الفقه في مذهب الإمامية يتحصل لدينا أن فقهاء هذا المذهب قد غيروا طريقتهم القديمة المتبعة في أواخر القرن الثالث الهجري أو أوائل القرن الرابع، واتخذوا طريقة جديدة في تدوين هذا العلم. فقبل هذا الوقت ، كانت الكتب الفقهية لهذه الطائفة عبارة عن سلسلة مجموعات من الروايات والأحاديث الواصلة إليهم عن أئمتهم في الأحكام والحلال والحرام والعبادات والمعاملات وغيرها من أقسام الفقه. وقد جمعت بالتدريج خلال القرون الثلاث التي مضت على الطائفة، كتب تحمل عنوان: الأصل، أو الجامع، أو النوادر، أو المسائل أو غيرها، وكان البعض منها مفصلا مشروحا، والبعض الآخر مختصرا، وبعضها منظم مبوب، وبعضها متفرق من دون تنظيم معين. هذه الآثار ظهرت على مسرح الوجود على يد المحدثين والفقهاء المذهب، الذين يمثلون المذهب وفقهه، وكان بعضهم من أصحاب الأئمة عليهم السلام.
وبعض هذه الكتب كان مختصا بروايات موضوع واحد كالحج والصلاة والصوم ونحوها والبعض الآخر شاملا لمواضيع شتى، وأحيانا كان جامعا لكل ما يتعلق بالمذهب من الأحكام والأخلاق والمعارف والعقايد وتفسير القرآن وهي الكتب التي كانوا يعبرون عنها ب " الجامع " (113) وفي جميع هذه الكتب التي كانت على شكل الرواية والحديث الذي ينتهي سنده إلى الأئمة من آل البيت لم يكن للمؤلف حظ سوى الجمع والرواية، دون