في أول حال وجود الجوهر، تسمى كونا لا غير فإذا وجد عقيب غيره، فهو على ضربين: أحدهما يوجد عقيب مثله، فيسمى (48) سكونا. والآخر يوجد عقيب ضده، فيسمى حركة، ويسمى نقلة وزوالا أيضا. والكون المبتدأ إذا بقي، وكذلك الحركة إذا بقيت، سميا سكونين عند من قال ببقاء الأكوان ومتى وجد الجوهر منفردا، سمى ما فيه كونا لا غير، فإن وجد معه جوهر آخر، فإن كان متلاصقا له، سمى ما فيهما من الكونين مجاورة. وإن لم يكن الجوهران متلاصقين، وكان بينهما بعد [سمى] (49) ما فيهما مفارقة.
وأما الاجتماع، فمن الناس من قال: هو عبارة عن المجاورة. ومنهم من قال، هو عبارة عن التأليف والأكوان على اختلافهما وتماثلها في مقدورها (50). و يصح منا فعلها مباشرا ومتولدا وفي جواز البقاء عليها وكونها مدركة، خلاف. ولنا فيه نظر والكون إذا كان مجاورة ولد التأليف وقد بينا حقيقته. وإن (51) تألفت الجواهر في خط واحد، سمى ما فيها من التأليف طولا أو عرضا بحسب ما يضاف إليه.
وأما ما يجوز خلو الجوهر (52) منه مما يحتاج إلى المحل، فعلى ضربين:
أحدهما يحتاج في وجوده إلى المحل لا غير، والآخر يحتاج إلى بنية زائدة على وجود المحل.
فالأول: مثل الألوان والطعوم والأراييح والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة والاعتماد والصوت وجنس الآلام عند من أجاز وجودها (53) في الجماد.
وأما (54) الألوان فعلى ضربين: متماثل ومتضاد، وليس فيها مختلف ليس بمتضاد.
فالمتماثل، مثل السواد والبياض (55)، فإن كل جنس منهما متماثل، و هو ضد للجنس الآخر. وليس شئ منها في مقدورنا. وفي جواز البقاء عليها خلاف.
وهي مدركة بحاسة البصر في محلها.