يصح عليه البقاء، ولا يصح منا إدراكه وفي كونه مدركا لله تعالى خلاف و إرادة القديم تعالى، وكراهته عند من أثبتهما (40) وسنذكر أحكامهما.
وما يحتاج في وجوده إلى محل (41) على ضربين: أحدهما يحتاج في وجوده إلى محلين، والآخر يحتاج إلى محل واحد.
فالأول: هو التأليف، فإنه لا يوجد في محلين. وحده ما صار به الجوهران متألفين. وهو كله متماثل، ولا مختلف فيه (42)، ولا متضاد، ويدخل تحت مقدور القدر ولا يصح منا فعله إلا متولدا، ولا سبب له إلا الكون الذي يسمى مجاورة، وهو غير مدرك. ومتى تألفت الجواهر على وجه لا تضريس فيها، سمي ما فيها من التأليف لينا، وإن كان (43) فيها تضريس، سمي خشونة. وفي جواز البقاء على التأليف خلاف.
وما يحتاج إلى محل واحد، على ضربين:
أحدهما: لا يخلو منه الجوهر 44، والآخر يصح خلوه منه (45).
فالأول: هو الكون. فإنه لا يصح خلو الجوهر مع وجوده (46) من الكون على حال (47).
والكون على ضربين: متماثل ومتضاد، وليس فيه مختلف، ليس بمتضاد.
فالمتماثل ما اختص بجهة واحدة والمتضاد ما اختص بجهتين والجهة عبارة عن اليمين، أو اليسار، أو فوق، أو أسفل، أو خلف، أو قدام، ويعبر عنها بالمحاذاة. ومعناها إنا إذا فرضنا آجرة على أربع زواياها أربع نملات، ثم توهمنا عدم الآجرة وبقاء النمل، لكانت النمل بحيث لو أعاد الله الآجرة، لكانت النمل على أربع زواياها. فهذا معنا قولنا: محاذاة أو جهة.
واعلم. أن الكون يقع على وجوه، فيختلف عليه الاسم. فإذا وجد ابتداء