في جواز البقاء على جنس الاعتقاد خلاف والصحيح أنه لا يجوز عليه البقاء و جميع أنواع الاعتقاد في مقدورنا، ويصح منا أن نفعله متولدا ومباشرا. إلا أن ما نفعله متولدا لا يكون إلا علما. ولا سبب له إلا النظر.
ومن شرطه أن يكون الناظر عالما بالدليل على الوجه الذي يدل، حتى يولد نظره العلم. فمتى لم يكن كذلك كان نظره لا يولد العلم. والنظر لا يولد الجهل أصلا ولا اعتقادا ليس بجهل ولا علم، سواء كان النظر في دليل أو شبهة. وإنما يفعله الواحد منا ذلك مبتدأ ومتى تعلق الاعتقاد بوصول ضرر إليه، أو فوت منفعة عنه، سمى غما ومتى (107) تعلق بوصول منفعة إليه، أو دفع ضرر عنه سمى سرورا.
وأما الظن فهو ما قوي عند الظان كون المظنون على ما ظنه مع تجويزه أن يكون على خلافه. وليس من الاعتقادات (108) والظن فيه متماثل (109) و مختلف ومتضاد.
فالمتماثل منه ما تعلق بمظنون واحد في وقت واحد و طريقة واحدة. فمتى اختل شئ من هذه الأوصاف، كان مختلفا. ومتى كان بالعكس من متعلق صاحبه مع الشرايط التي ذكرناها، كانا متضادين (110) وقد يضاد الظن العلم والاعتقاد بالشرائط الذي قدمنا ذكرها، كما يضاد ظنا آخر. ولا يصح على الظن البقاء. والظن على اختلافه وتماثله وتضاده في مقدورنا.
ولا يصح أن نفعله إلا مبتدأ، لأنه لا سبب له يولده، إلا أنه لا يكون له حكم، إلا إذا كان حاصلا عند أمارة.
وأما النظر فهو الفكر والاعتبار، وهو على ضربين: متماثل ومختلف وليس فيه متضاد. (111) فأما المتماثل فهو ما تعلق (112) بشئ واحد على وجه واحد، في وقت واحد، وطريقة واحدة. ومتى اختل شئ من هذه الشرايط (113)، كان مختلفا. و