درس الأصول، ويقرأه على الطلاب ويشرح عباراته. وفي درس الفقه أيضا قد يحضر معه كتاب " الخلاف " ويدرس بعض المسائل منه. وقد قام الأستاذ رحمه الله بطبع هذا الكتاب مع تعليقاته لأول مرة. كما رتب الأسانيد كتاب تهذيب الأحكام والاستبصار فيما رتب من الأسانيد لكتاب الكافي وكتب الصدوق وغيرها، وهذا فن ابتكره الأستاذ الإمام.
وللأسف أن هذه الكتب الثمينة لم تر النور ولم تنتشر حتى هذا الوقت.
وكان الأستاذ يولي اهتماما خاصا بكتب الشيخ وآرائه الرجالية، وجمع لديه نسخا مصححة من هذه الكتب، وقد اشتغل أصحاب الحديث بأمره بتأليف كتاب جامع بين كتاب رجال النجاشي وفهرست الشيخ وفرغوا منه، ولكنه بعد في انتظار الطبع.
ثانيهما: فقيد الإسلام، شيخ مشايخ الزمان، العلامة الشيخ آغا بزرگ الطهراني (1293 - 1389 ه ق) رضوان الله تعالى عليه، الذي أشدنا بذكره في هذا المقال مرارا.
فكان لهذا العالم الجليل علاقة خاصة بالشيخ الطوسي، وقد تعرض لترجمة والتعريف بآثاره وكتبه في مطاوي كتابه الخالد " الذريعة إلى تصانيف الشيعة " مرات كثيرة وخص به رسالة تحت عنوان " حياة الشيخ الطوسي " تصديرا لكتاب تفسير التبيان طبع النجف الأشرف وهذه الرسالة لعلها أجمع وأوفى ترجمة للشيخ إلى هذا الوقت. ويرى الناظر بوضوح من خلالها إعجاب الكاتب بالشيخ الطوسي حيث يقول: " ارتسمت على كل أفق من آفاق العالم الإسلامي أسماء رجال معدودين امتازوا بمواهب وعبقريات رفعتهم إلى الأوج الأعلى من آفاق هذا العالم - إلى أن يقول - وثمة رجال ارتسمت أسماؤهم في كل أفق من تلك الآفاق، وهم قليلون للغاية شذت بهم طبيعة هذا الكون، فكان لهم من نبوغهم وعظمتهم ما جعلهم أفذاذا في دنيا الإسلام، وشواذا لا يمكن أن يجعلوا مقياسا لغيرهم، أو ميزانا توزن به مقادير الرجال، إذ لا يمكنها أن تنال مراتبهم، وإن اشرأبت إليها أعناقهم وحدثتهم بها نفوسهم " " ومن تلك القلة شيخنا وشيخ الكل في الكل، علامة الآفاق، شيخ الطائفة الطوسي أعلى الله درجاته، وأجزل أجره، فقد شاءت إرادة الله العليا أن تبارك في علمه وقلمه، فتخرج منهما للناس نتاجا من أفضل النتاج، فيه كل ما يدل على غزارة العلم وسعة الاطلاع، وقد مازه الله بصفات بارزة، وخصه بعناية فائقة، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا وقد كرس - قدس الله نفسه - حياته طول عمره لخدمة الدين والمذهب، وبهذا استحق مكانته السامية من العالم الإسلامي عامة والشيعي خاصة. وبإنتاجه الغزير أصبح - وأمسى - علما من أعظم أعلامه، ودعامة من أكبر دعائمه، يذكر اسمه مع كل تعظيم وإجلال وإكبار وإعجاب، ولقد أجاد من قال