وفي رأينا أن هذه الفضائل النفسانية والكمالات المعنوية كانت هي السبب الأكبر والسر النافذ لما نجده واضحا جليا من تجاوز الشيخ الطوسي بما له من الآثار العلمية حدود الزمان والمكان، وعدم انحصاره بإطار مذهبي خاص، فجعلته هذه الخصال على مر الزمن إماما لكل المسلمين.
وفي هذا الوقت الذي نعيش فيه تلفت هذه الناحية من حياة الشيخ الأنظار، وقد أبدى في عصرنا رجال من كبار علماء الشيعة الإمامية رأيهم وأصدروا حكمهم في حق الشيخ سواء من هذه الناحية أو من ساير نواحي حياته ومن بينهم إمامان كبيران كانا مولعين بتعظيم الشيخ والتعريف به بين الأمة.
أولهما: الإمام الأعظم أستادنا الكبير آية الله العظمى الحاج آغا حسين الطباطبائي البروجردي رضوان الله تعالى عليه المتوفى عام 1380 ه والذي كان في علم الرجال والحديث فريد عصره، وكان له فيهما وفي الفقه والأصول طريقة مبتكرة ومباني خاصة. فكان يوجه الأنظار إلى طريقة القدماء من الفقهاء ويؤكد من بينهم على شخصية الشيخ الطوسي.
وقد سمعته لأول مرة عام 1323 ه ش حيث زار المشهد الرضوي، وكنت حين ذاك طالبا للعلم في مرحلة السطوح في هذا البلد، سمعته يقول " إن الشيخ الطوسي ألف بعض كتبه الفقهية في إطار المذهب الإمامي والبعض الآخر للعالم الإسلامي بأجمعه ثم بدأ بشرح هذا الكلام. وفي عام 1328 ه ش هاجرت إلى قم حيث تشرفت بحضور درسي الفقه والأصول للأستاذ كما حضرت بعد ذلك حلقات تدوين الحديث التي كانت تنعقد في بيته لأصحاب الحديث (124) وقد بدا لي أن السيد الأستاذ كان يرى أن من الواجب عليه القيام بتعريف الشيخ للطلبة وإحياء ذكره والأعلام بكتبه حيث كان يتعرض لذلك في كل مناسبة. وأحيانا كان يحمل معه كتاب " عدة الأصول " للشيخ إلى