ثم إنه على تقدير اعتبار التقدير فهل يعتبر الأشد أو الأوسط أو الأضعف؟
احتمالات. أما الأول فللاحتياط، وأما الثاني فللغالب وأما الثالث فلترجيح جانب الطهارة. قلت: هذه الاحتمالات غير متجهة فيما إذا كانت النجاسة على صفة خاصة ثم سلبت عنه، فإنه حينئذ لا معنى لتقديرها بالأشد وقد كانت على الأوسط، كما أنه لا معنى لتقدير الأوسط وقد كانت على الأضعف، نعم قد يتجه ذلك أن لم يعلم كيف وجدت صفة هذه النجاسة، وإن كان تقدير الوسط حينئذ أولى لأنه الغلب المعتاد، مع عدم تمامية الاحتياط في جميع المقامات.
ثم إنه هل يعتبر تقدير الماء أيضا على الحد الوسط من العذوبة والملوحة والصفا والكدورة فإن لها أثرا بينا في التغيير؟ احتمله بعضهم وظاهر الباقين العدم، وهو أولى سيما فيما إذا كان الماء على صفة معلومة إذ لا معنى لفرض عدمها لعدم المانع في اختلاف المياه في الانفعال وإن كانت فردا نادرا، ولعله من ذلك ينقدح الفرق في السابق أي في الموافق للنجاسة في الصفة بين الصفة الأصلية والعارضية فيقدر في الثانية دون الأولى فتأمل. وكيف كان فما ذكرناه من عدم النجاسة في المسلوب إنما هو إذا لم يستهلك الماء، أما إذا استهلك بحيث دخل الماء تحت اسم الخليط فلا إشكال في نجاسة. وأما إذا سلبه اسم الاطلاق ولم يدخل تحت الاسم فلا إشكال في كونه غير مطهر، وهل يبقي على الطهارة؟ وجهان أقواهما ذلك، واحتمال ذهاب الاطلاق مع بقاء اسم الخليط معارض باحتمال عدمه إذ ذهاب الاطلاقية وذهاب اسم الخليط حادثان والأصل يقتضي تأخر كل منهما عن الآخر، فيبقي أصل الطهارة سالما. نعم لو كان المغير للماء من الأجسام التي علم بقاؤه بعد زوال الاطلاقية لاتجه الحكم بالنجاسة.
ثم اعلم أنه قد يظهر من قول المصنف لا ينجس إلا باستيلاء النجاسة إلى آخره أن التغيير لا بد وأن يكون بعد ملاقاة النجاسة، فلو تغيرت أحد أوصاف الماء بالمجاورة لم ينجس، ولعله لا خلاف فيه بل مجمع عليه للأصل بل الأصول والعمومات، ولا شمول