مانع سيما فيما إذا كانت صفات الماء أصلية لا عارضية كما في المياه الكبريتية ونحوها وبأنه لو كان المدار عليه أيضا لكان الحكم دائرا مداره وجودا وعدما، وهو لا معنى له، وإلا لم يثبت التنجيس مع زوال التغيير من قبل نفسه وبالقاء أجسام طاهرة.
ولكن قد يقال في الجواب عن ذلك أن المراد بالغلبة كما هو الظاهر من بعضها الغلبة بالأوصاف فتتحد حينئذ مع التغير كقوله (عليه السلام): " إذا غلب لون الماء لون البول " (1) وقوله (عليه السلام): " إلا أن يغلب على الماء الريح فينتن " (2) وقوله (ع): " فيما لم يكن في تغير أو ريح غالبة " (3) إلى غير ذلك. وكان كلام العلامة في المنتهي ليس مخالفا لما نحن فيه، لأنه وإن قال إن المدار على الغلبة لكنه جعل العلامة على ذلك التغيير فلا يحكم بحصوله ابتداء بدونه، نعم لو ذهب التغير بعد الحكم بحصول النجاسة لم تذهب النجاسة: أما بناء على كلامه فلتحقق الغلبة التي كان علامتها التغير، وأما بناء على مختارنا فللاستصحاب إذ الشارع حكم بالنجاسة مع التغير ولم يعلم أن الاستمرار علة للاستمرار أولا فيستصحب. وليس للعقل مدخلية في الطهارة والنجاسة حتى يقال بالمغلوبية والمقهورية التي لم يبق مها قوة الماء. وأيضا لو كان المدار على الغلبة كيف يصح تعليق الحكم على التغير الذي هو وصف مفارق لها وجعلها دائرة مداره. وأيضا ينبغي القول حينئذ بما إذا كشف عن الغلبة غيرها من الكثرة ونحوها. وأيضا لو كان المدار على الغلبة لوجب القول بالتقدير حينئذ في فاقد الصفات وفي الواجد الضعيف وقد عرفت نقل الاجماع على خلافه. وأيضا فإنا نمنع تحقق الغلبة فيما نحن فيه بمجرد ذلك مع بقاء الاسم فإنه لا يعلم أن المدار على صدقها عرفا، بحيث يقال إن الماء غلب على النجاسة أو شرعا، وكيفما كان فالتقدير لا يحقق شيئا منهما بل المتحقق خلافه. وأيضا بقرينة الشهرة ونحوها تحمل الغلبة على إرادة التغير، فتأمل جيدا والله أعلم.