فالظاهر صحة الصلاة به نعم لا يصح الوضوء به ولا يجوز شربه ولا تحصل الطهارة من الخبث به فيكون كماء الاستنجاء حينئذ (الثالث) أن يفرق بين الاستعمالات فما كان منها عبادة لم يصح لحصول النهي المقتضي للفساد دون ما لم يكن كذلك كغسل النجاسة فترتفع به وإن فعل حراما باستعماله كما لو شربه. لكنه ليس حرمة شرب ماء النجس بل هي حرمة أخرى.
إلا أن الذي يظهر من العلامة (رحمه الله) إنما هو الثاني لقوله في الجواب عن مكاتبة ابن بزيع التي هي دليل القائلين بالنجاسة: " وتقريره (عليه السلام) لقول السائل:
(حتى يحل الوضوء منها) بعد تسليمه ليس فيه دلالة على التنجيس فإنا نقول بموجبه حيث أوجبنا النزح ولم نسوغ الاستعمال قبله " وقوله أيضا في هذه الرواية: (وخامسها بحمل المطهر هنا على ما أذن في استعماله وذلك إنما يكون بعد النزح لمشاركته للنجس جمعا بين الأدلة " انتهى لاطلاق عدم تسويغ الاستعمال قبل النزح سواء كان عبادة أو غيرها. مع احتمال أن يقال إنه أراد بالاستعمال الذي تضمنته الرواية وهو العبادي لا مطلقا وقد يقال إن الذي يناسب الجمع به بين الروايات (الثالث) لتضمن كثير منها عدم إعادة غسل الثياب والوضوء والصلاة مع حصول النجاسة قبل العلم، وهو إنما يتم به لعدم النهي دون الثاني، مع احتمال تنزيل هذه الروايات على حصول العلم بوجود النجاسة بعد الاستعمال من دون علم بسبقها فعدم إعادة الغسل والوضوء لذلك لا لما تقدم، فيتجه حينئذ حمله على الثاني. وهذا الوجه الأخير هو الظاهر من الشيخ في الاستبصار لذكره الخبر الشاهد على الجميع، وهو مشتمل على التصريح بهذه المعنى فلتلحظ عبارته.
وكيف كان فمستنده في الطهارة هو ما عرفت من أدلتها وفي الوجوب أوامر النزح وهو حقيقة في الوجوب، والمراد به الشرطي للقطع بعدم الوجوب الأصلي، وكأن الذي دعاه إلى ذلك هو مراعاة العمل بجميع الأخبار لعدم المنافاة بينها إذ ما دل على الطهارة لا يقتضي نفي النزح وما دل على النزح لا يقتضي نفي الطهارة، فيعمل حينئذ