من سؤر الحائض وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة " إلى آخره مدفوعة بأنها غير ممكنة، لاشتمالها على الأمر بالوضوء من سؤر الحائض، وبدون التقييد لا معنى له.
نعم قد يقال إن رواية الكليني لأرد بها على الشيخ والمرتضى، بل هي دليل لهما، إذ هي صريحة أو كالصريحة في عدم اعتبار القيد، وفيه بعد التسليم أنه لا ريب في رجحان الأول، لأن هذه الرواية مع أن الشيخ قد رواها كما سمعت معارضة بما سمعت من خبر ابن يقطين المعتضد مع الأصل بالشهرة العظيمة بين الأصحاب، وبما رواه عن الصادق (عليه السلام) " إن سؤر الحائض لا بأس أن يتوضأ منه إذا كانت تغسل يديها " فلا ريب أن الأقوى ما عليه المشهور، لكن ظاهر الأصحاب أن المكروه من الحائض المتهمة مطلق السؤر الشامل للوضوء وغيره، والأخبار لا تدل على ذلك، لنهيها عن الوضوء بل قد اشتمل بعضها على الإذن بالشرب منه، والنهي عن الوضوء به، كما في رواية عنبسة (1) ورواية الحسين بن أبي العلا (2) ورواية علي بن جعفر (عليه السلام) (3) ورواية أبي هلال، (4) ومن هنا استشكل بعض متأخري المتأخرين في ذلك، ولعل وجهه - بعد كونه مكروها يتسامح فيه. وأنه كالمتفق عليه في المقام، بل هو كذلك - ما يظهر من تعليق الحكم على المأمونية وجودا وعدما من التعليل، خصوصا مع كونها من الأوصاف المناسبة، فيتعدى حينئذ لمطلق السؤر، مع أنه لو كان الحكم خاصا بالوضوء مع الإذن في غيره لجاء الفساد إليه لو كانت المباشرة بأعضاء الوضوء، واحتمل التعبد بعيد عن الفهم، والإذن بالشرب في تلك الأخبار مع النهي عن التوضؤ به لا ينافي الكراهة فيه بعد حمل النهي عن التوضؤ على شدة الكراهية، فهذا مع انجباره بفهم الأصحاب وكون الحكم مما يتسامح فيه كاف في إثبات المطلوب، بل منه يمكن استفادة الكراهة لكل متهم بمباشرة النجاسة، كما يظهر من أطعمة السرائر