وخلوصها من طلب الجاه والسمعة هي السبب في توفيق مؤلفه إلى إكماله والسبب في رواجه عند الناس.
والحق أن الكتاب بما فيه من البسط وعدم الترتيب شاهد على صحة هذا النقل، من أنه كتبه ليكون مذكرات ومرجعا له خاصة لا على أسلوب التأليفات المنمقة.
ومن هنا تعرف السر فيما كان يصنعه كثيرا من اقتطاف نص عبارات الرياض وشرح اللمعة من دون الإشارة إلى المصدر ولا إلى ما يشعر بالاقتطاف.
أعلام تلاميذه.
ذكرنا فيما سبق كيف نشطت الحركة العلمية في النجف الأشرف في عهد الشيخ المترجم له، وأقبل طلاب العلم على الهجرة إليها. وكان درس الشيخ بالخصوص ملتقى النوابغ والمجتهدين من الطلاب، فتخرج على يديه جماعة كبيرة من أعلام الفقه انتشر أكثرهم في البلاد، حتى قيل أنه لم تبق بلدة شيعية ليس فيها مرجع للناس من تلاميذه. وكان هو يمدهم برعايته ويسددهم ويغدق عليهم. وقصة الشيخ محمد حسن آل يس أحد أعلام تلاميذه معروفة، فإن الشيخ وجه به إلى بغداد ليكون مرجعا للناس هناك، وبعد مدة قدم النجف أحد تجارها يحمل إلى الشيخ من الحقوق الشرعية ثلاثين ألف (بيشلك) العملة المتداولة يومئذ. فأنكر عليه أن يحمل مثل ذلك إليه مع وجود الشيخ محمد حسن بين ظهرانيهم ورده وقال أظن أن الشيخ محمد حسن سيهلك جوعا. ثم بعد هذا توافد أهل بغداد لزيارة الغدير فحجبهم الشيخ عن ملاقاته معلنا غضبه وهم يجهلون السبب، وفي عصر يوم الغدير حيث مجتمع الوفود دعا الناس للاجتماع في الصحن العلوي المطهر وخطب فيهم مذكرا لهم فضل العلماء وندد بالبغدادين إذ قصروا في حق الشيخ محمد حسن وبين لهم أن هذا سبب غضبه عليهم وحجبه لهم، فما كان من البغداديين إلا أن نهضوا إلى الشيخ محمد حسن وكان حاضرا معتذرين وحملوه معهم مبجلا إلى بغداد فكان له من الشأن ما طبق ذكره الخافقين.