لكن لما كان في الغالب أن التغيير يحتاج إلى نزح أزيد من التقدير علق الحكم على زواله فتأمل. وأما وجوب نزح الجميع فيما لا نص فيه فلأن له مقدرا قطعا قبل حصول التغيير، وذلك المقدر غير معلوم، فأجبنا من باب المقدمة نزح الجميع، ولا يعارضه أخبار التغيير، لما عرفت أنها لا تنافي وجوب المقدر الحاصل قبل التغيير، وأما أنه يقوم التراوح مقام نزح الجميع فلما عرفت سابقا.
(الثالث) نزح ما يزيل التغيير أولا ثم نزح المقدر تماما إن كانت النجاسة مما لها مقدر، وإلا فالجميع، فإن تعذر فالتراوح، وكأن مستنده أنها أسباب، والأصل عدم تداخلها بالنسبة إلى نزح الجميع، وفيه ما عرفت من فهم التداخل في خصوص المقام.
(الرابع) الاكتفاء بأكثر الأمرين فيما له مقدر، وفي غير المنصوص يرجع إلى زوال التغيير، وكأن مستنده في الأول ما تقدم، وفي الثاني أخبار التغيير غير معارضة، لأن الفرض أنه ليس له مقدر منصوص، فتبقى حينئذ بغير معارض واستحسنه في الحدائق، وقد عرفت ما فيه من أنه قبل حصول التغيير لا بد أن يكون لها مقدر لا يرتفع بحصول التغيير، ففي الفرض يحتمل استيفاء المقدر، ويمكن العدم لاحتمال أنه أكثر مما زال به التغيير، فمن باب المقدمة يجب نزح الجميع، فتأمل.
(الخامس) وجوب نزح الجميع، ولعله المشهور بين القائلين بالتنجيس، لصحيحة معاوية بن عمار وخبري أبي خديجة ومنهال، لا أقل من تعارض الروايات وتساقطها، فيبقى الاستصحاب ونحوه مما يقضي بنزح الجميع من غير معارض، وروايات التقدير لا تشمل التغيير، وإلا لاكتفي بها وإن لم يزل، وهو باطل بالاجماع، بل قد يقال النجاسة المغيرة لها مقدر في الشرع لا نعرفه، فبعد تعارض تلك الروايات وتساقطها وجب نزح الجميع للمقدمة، وإذا ثبت ذلك فيما له مقدر ثبت فيما ليس له مقدر بطريق أولى، وفيه أن تلك الأخبار أقوى دلالة وسندا وأكثر عددا، بل خبر منهال ظاهر في الاكتفاء بالمائة، وخبر أبي خديجة وإن كان ظاهرا لكنه ضعيف السند، والآخر