وواظبوا (1) على السنة والمذاكرة والتصنيف والمدارسة، حتى أخذ عنهم من نشأ بعدهم من شيوخنا هذا المذهب، وسلكوا هذا المسلك، حتى أن أحدهم لو سئل عن عدد الأحرف في السنن لكل سنة منها عدها عدا، ولو زيد فيها ألف أو واو لاخرجها طوعا (2) ولأظهرها ديانة، ولولاهم لدرست الآثار واضمحلت الاخبار، وعلا أهل الضلالة والهوى، وارتفع أهل البدع والعلماء، فهم لأهل البدع قامعون بالسنن شأنهم دامغون (3) حتى إذا قال وكيع بن الجراح: حدثنا النضر عن عكرمة: ميزوا حديث النضر بن عربي من النضر الخزاز (4)، أحدهما ضعيف والآخر ثقة، وقد رويا جميعا عن عكرمة وروى وكيع عنهما، وحتى إذا قال حفص بن غياث: حدثنا أشعت عن الحسن ميزوا حديث أشعت بن عبد الملك من أشعث بن سوار (5)، وأحدهما ثقة والآخر ضعيف وقد رويا جميعا عن الحسن وروى عنهما حفص بن غياث، وحتى إذا قال عبد الرزاق: حدثنا عبيد الله عن نافع وعبد الله عن نافع (6)، ميزوا حديث هذا من حديث ذاك، لان أحدهما
(٥٨)