رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شديد فلا يجئ - من بعدهم من - يجترئ فيكذب عليه (صلى الله عليه وسلم) أو يتقول عليه ما لم يقل حتى يدخل بذلك في سخط الله عز وجل.
وهذان أول من فتشا عن الرجال في الرواية، وبحثا عن النقل في الاخبار، ثم تبعهم الناس على ذلك، والدليل على صحة ما تأولنا فعلهما ذلك ما حدثني محمد بن عبد الرحمن الشامي: حدثنا على بن الجعد: حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال: سمعت ابن أبي ليلى يقول (1): كنا إذا أتينا زيد بن أرقم فنقول: حدثنا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقول: إنا قد ذكرنا ونسبنا، والحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شديد.
حدثنا أحمد بن علي بن المثنى بالموصل: حدثنا هارون بن معروف: حدثنا سفيان ابن عيينة عن هشام بن حجير (2) عن طاوس عن ابن عباس قال: إنا كنا نحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا لم يكذب عليه، فلما ركب الناس الصعب والذلول تركنا الحديث عنه.
قال أبو حاتم: قد أخبر ابن عباس أن تركهم الرواية وتشديدهم فيها على أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان منهم ذلك توقيا للكذب عليه من بعدهم، لا أنهم كانوا متهمين في الرواية على ما ذكرنا من قبل. ثم أخذ مسلكهم، واستن بسنتهم، واهتدى بهديهم فيما استنوا (3) من التيقظ من الروايات جماعة من أهل المدينة من سادات التابعين منهم:
سعيد بن المسيب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، وسالم بن عبد الله بن عمر، وعلي بن الحسين بن علي، وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وخارجة بن زيد بن ثابت، وعروة بن الزبير بن العوام، وأبو بكر بن عبد الرحمن