وأيضا فإن تارك أمر من يلزمه طاعته فيما بينا مستحق للتعنيف واللائمة وأوامر الله تعالى محمولة على المعقول المتعارف بيننا بقوله تعالى وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه وقال تعالى بلسان عربي مبين ولا شئ يستحق به تارك الأمر اللوم فيما بينا إلا وروده مطلقا فدل على أنه موضوع للإيجاب وكذلك معلوم متقرر عند الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم لو أمر رجلا بالقيام أو القعود أمرا مطلقا فلم يفعله كان معنفا عند الجميع مستحقا للذم فدل على أنه يقتضي الإيجاب فإن قيل إنما وجب ذلك في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وأوامرنا فيما بيننا لعبيدنا ومن تلزمه طاعتنا لأن المأمور يقع له علم الضرورة بمراد الآمر وذلك معدوم في خطاب الله تعالى قيل له يقع للسامع علم الضرورة بإرادة الآمر الوجوب بنفس الأمر أو بمعنى يقارنه فإن قال بنفس الأمر قيل له فينبغي أن يقع له ذلك في سائر الأوامر لوجوب الضرورة الموجبة لعلم الضرورة وإن قال إنما يقع له ذلك بأحوال مقارنة قيل له فكل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن غيره ممن تجب طاعته مقارنة حال يعلم المأمور إرادة الأمر لإيجابه ضرورة
(٩٥)