والواجب ما يستحق بفعله الثواب وبتركه العقاب ففيه زيادة حكم على الندب فلو سلم لك أن اللفظ حقيقة في جميع هذه الوجوه كان الأولى حمله على الوجوب لأنه أكثر ما يتناوله ويقتضيه وهو يفيد هذه المعاني فيه حقيقة كما أن لفظ العموم وإن كان حقيقة في الثلاثة فما فوقها نحو قوله تعالى فاقتلوا المشركين كان الواجب حمله على أكثر ما يتضمنه ويقتضيه ولم يجز الاقتصار به على الأقل إلا بقيام الدلالة كذلك لفظ الأمر إذا كان يفيد الإيجاب حقيقة فقد تضمن وروده استيعاب جميع ما تعلق به من الحكم فلا جائز الاقتصار به على البعض وثبت أن اللفظ إن كان حقيقة في الجميع فهو يقتضي عند الاطلاق لزوم الفعل وإن كان لفظ الأمر حقيقة في بعض هذه الوجوه التي ذكرناها مجازا في البعض وليس يخلو ما هو حقيقة فيه أن يكون هو الإيجاب أو الندب أو الإباحة فإن كان للإيجاب حقيقة فالواجب حمله عليه وإن كان يتناول الندب والإباحة حقيقة دون غيرهما فهذا يوجب أن يكون من استعماله للإيجاب عند قيام الدلالة فقد صرفه عن الحقيقة إلى المجاز واستعمله في غير موضعه وهذا لا يقوله أحد ويلزم قائله أن يقول لم يأمر الله تعالى بالإيمان حقيقة في قوله آمنوا بالله ورسوله ولم يأمر بالتقوى على الحقيقة في قوله تعالى واتقوا ربكم فلما بطل ذلك ثبت أنه حقيقة في الإيجاب
(٩٠)