ذلك لأن من قال إن الله تعالى أمر بصلاة الظهر وصوم شهر رمضان كان صادقا ولو قال لم يأمرنا الله تعالى بذلك كان كاذبا خارجا من الملة ولو قال رجل لرجل إن الله تعالى أمرك في هذا الوقت بصلاة تطوع أو صدقة نفل أو بالاصطياد أو بالشراء والبيع بعد صلاة الجمعة لم يكن مصيبا في قوله وكان واضعا للأمر في غير موضعه ولو قال رجل ليس عليه صلاة ولا صدقة ما أمرني الله تعالى بفعل الصلاة والصدقة في هذا الوقت كان مصيبا في قوله فلما كان اطلاق لفظ الأمر ممتنعا في النوافل والمباحات على الوجوه التي ذكرنا غير منتف عن الفروض والواجبات بحال دل ذلك على أن لفظ الأمر يختص بالإيجاب حقيقة وأنه لا يكون أمرا متى لم يصادف واجبا ويدل على ذلك أيضا ان العربي يسمي تارك الأمر عاصيا يدل عليه قوله تعالى حاكيا عن موسى عليه السلام أفعصيت أمري وقال تعالى لإبليس ما منعك أن لا تسجد إذ أمرتك ومنه قول دريد بن الصمة أمرتهم أمري بمنعرج اللوى فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد فلما عصوني كنت منهم وقد أرى * غوايتهم وأنني غير مهتدي فسمى تارك الأمر عاصيا وسمة العصيان لا تلحق إلا تارك الواجبات فدل على أن لفظ الأمر مختص بالإيجاب
(٨١)