فإن قال نعم علم بطلان قوله ضرورة لأنه معلوم أنه قد يرد لفظ الأمر من الآمر لمن يخاطبه به ولا يقارنه حال يعلم بها الوجوب ضرورة بل يشك في أنه أراد الإيجاب أم لا ثم لم تعتبر الناس الأحوال لإلحاق الذم بتارك الأمر فعلمنا أنه إنما يستحق الذم عندهم لتركه الأمر بمجرده وأيضا فإن كان كما قال من أن لزوم أمر النبي صلى الله عليه وسلم لمن يخاطبه به من جهة ما يقع للسامع من العلم الضروري بمراده فينبغي أن يختلف حكم الأمر لمن شاهد النبي صلى الله عليه وسلم ولمن لم يشاهده ممن بلغه أمره فيلزم المشاهد له والسامع منه ولا يلزم المبلغ لأن المشاهد وقع له العلم بمراده من جهة الضرورة والمبلغ لا يقع له ذلك ومعلوم أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم لا يختلف في السامع والمبلغ وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم السامعين بالتبليغ بقوله نضر الله امرءا سمع مقالتي فوعاها ثم أداها إلى من لم يسمعها فدل على أن السامع والمبلغ في حكم الأمر سواء ولو كان يختلف حكمهما فيما تعبدا به لقيده عليه السلام بمعنى غير إطلاق اللفظ يستوى في العلم بمراده السامع والمبلغ وأيضا لو ساغ أن يقال هذا في الأوامر لساغ لنفاة العموم أن يقولوا مثله في نفيه لأن الناس قد يعرف بعضهم مراد بعض في العموم والخصوص ضرورة فوجب في
(٩٦)