هذا الوجه فليس عليه أن يعتقد فيهما شيئا لأنه في هذه الحال غير مخاطب بحكمهما فهو في معنى من لم يسمعهما وإن كان رجلا من أهل العلم بأصول الأحكام والنظر فيها فتلا آية من القرآن أو سمع خبرا عن الرسول صلى الله عليه وسلم فهو ليس يصير من أهل الاجتهاد والعلم بأصول الأحكام إلا وقد عرف مثل ذلك ما يعترض على هذا العموم من تخصيص أو نسخ أو صرفه عن حقيقته إلى المجاز فتكون حينئذ دلائل الأصول مقارنة للعموم في إيجاب تخصيصه إن كان المرد الخصوص فإن كان في الحقيقة خاصا ولم يبين هو خصوصه لعموم دلالته وخفائها عليه فإنه إنما أتي من قبل نفسه في ذهابه عن وجه الدلالة وقد بين الله تعالى له ما يوجب تخصيصه فإن اعتقد فيه العموم فإنما قصر في اجتهاده وأخطأ في اعتقاده والله تعالى لم يأمره باعتقاد الخطأ وإنما ألزمنا نحن القائلين بتأخير البيان أن يكون الله تعالى قد أمرنا باعتقاد عموم لفظ مراده فيه الخصوص فيكون أمرا له باعتقاد الشئ على خلاف ما هو به ولا يمكنهم أن يجيبوا عن ذلك بمثل جوابنا عن سؤالهم لأن من قولهم إن الله تعالى لم يبين بعد شيئا وكيف يمكنهم ولا يمكنهم الوصول معه على علم الخصوص فإنما أتوا في اعتقاد عموم معناه الخصوص من قبل الله تعالى لا من قبل تقصيرهم وذهابهم عن وجه دلالة الخصوص وهذا هو المنكر عندنا ولم ننكر أن يخطئ الإنسان فيعتقد العموم فيما قد بين خصوصه فيخطئ دلالة الخصوص ويعتقد الشئ على خلاف ما هو عليه وليس على الله تعالى أن يوقف على
(٦٨)