تناول العقلاء وغيرهم لكان مرتبا على ما قرر في العقول وانزل به الكتب في أنه لا يعذب أولياءه وأنبياءه في الآخرة فلم يرد اللفظ مقترنا بدلالة التخصيص فأي بيان تأخر وقوله تعالى ان الذين سبقت لهم منا الحسنى تأكيد لما قد ثبت قبل ذلك وتقرير له كما ذكر في صحة التوحيد وسائر صفاته تعالى في الكتاب بعد تقديم الدلائل عليها من جهة القول فإن قيل الدليل على جواز تأخير البيان قوله تعالى وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فأخر بيان الصلاة على حال الأمر بذكر الزكاة وإذا جاز أن يتأخر البيان هذا القدر جاز أن يتأخر أوقاتا كثيرة قيل له لا يخلوا قوله تعالى وأقيموا الصلاة من أن يكون تناول صلاة معهودة قد عرفوها فلم تكن مفتقرة إلى البيان فقولك اخر بيانها ساقط أو أن يكون مجملا عند هم عند نزول الآية ونحن نجوز تأخير بيان المجمل وأيضا فإن حكم الكلام إنما يتعلق تأخره وحصول الفراغ منه ألا ترى أنه لو وصله باستثناء أو علقه بشرط تعلق الجميع به فلو أطلق لفظ العموم ومراده الخصوص لم يمتنع أن يؤخر بيانه بمقدار الفراغ من الكلام لأن السامع لا يلزمه أن يعتقد فيه شيئا إلا بعد الفراغ منه فإن قال قائل جميع ما ألزمته القائلين بتأخير البيان من أن الوقوف فيه إلى ورود البيان ينفي وجوب القول بالعموم وترك الوقوف والقول باعتقاد عمومه ويؤدي إلى تجويز اعتقاد الشئ بخلاف ما هو عليه فإنه يلزمك مثله في دلائل التخصيص من طريق النظر لأنك لا تخلو من أن تعتقد العموم بنفس وروده أو تقف فيه حتى يستبين حكم
(٦٦)